أخيراً اكتملت هيئة التفتيش القضائي بعد شغور دام نحو سنتين. وزير العدل إبراهيم نجار دعا أعضاء الهيئة إلى المبادرة إلى اتخاذ بعض التدابير. ولكن هل سيرى اللبنانيون هذه التدابير قريباً؟ سؤال برسم الأيام المقبلة
محمد نزال
«ليسمع الجميع. لقد بدأت اليوم حقبة جديدة في تاريخ القضاء في لبنان...» هكذا استهل وزير العدل إبراهيم نجّار مؤتمره الصحافي أمس في الوزارة، لمناسبة اكتمال عدد أعضاء هيئة التفتيش القضائي، وانطلاق عملها. علامات السرور كانت بادية على وجه الوزير نجّار، أثناء ترحيبه برئيس هيئة التفتيش القاضي أكرم بعاصيري، ومعه الأعضاء العشرة «الذين توافق مجلس الوزراء عليهم يوم الخميس الماضي بالإجماع، مما يدل على إمكان اتفاق مجلس الوزراء على أمور أساسية بالنسبة إلى المؤسسات التي تقوم عليها صدقية الدولة في لبنان، كما أن بإمكان المجلس القيام بأعمال تدفع قدماً باتجاه الإصلاح»، بحسب ما أكّد نجّار. سألت «الأخبار» عمّا إذا كان هناك تدخلات سياسية قد حصلت في هذه التعيينات، على غرار بعض التعيينات السابقة، لكون الحكومة «التوافقية»، التي تضم مختلف الأقطاب السياسيين، هي التي أقرتها؟ أثنى الوزير نجّار على هذا السؤال الذي كان ينتظره، فأجاب مؤكّداً أنه لم يتلقّ «أيّ تمنٍّ من أيّ أحد لاختيار الذين جرى اختيارهم»، مشيراً إلى أن الموضوع حصل فقط انطلاقاً من «ضرورات الوفاق الوطني، وأن يكون هناك عدد متوازن من القضاة يمثّلون الطوائف التي ينتمي القضاة إليها. وأقول إنّ بعض الموجودين هنا فوجئ بأمر تعيينه، والخلاصة هي أنه قد تكون هناك ثقة في الذين اختيروا، وفي أن ما نقوم به هو للمصلحة العامة فقط،، ونقطة على السطر».
هل ثمة شكاوى موجودة في أدراج هيئة التفتيش القضائي؟ قال نجّار لـ«الأخبار» إنه «بالفعل توجد الآن شكاوى، ويُعمل على بتّها، ولكن في النهاية هذا الأمر عائد إلى أعضاء هيئة التفتيش القضائي». وإذ أشار إلى أنه قام «بما يجب علينا القيام به»، دعا الوزير نجّار هيئة التفتيش إلى أن تعمل بطريقة تجعل «الشعب اللبناني يضع كل ثقته في القضاء الذي يستحق منا كل تضحية»، موضحاً أن «رئيس هيئة التفتيش سيعزّز الأعمال بالاتفاق مع زملائه، وينظّم كل البرامج التي ستؤدي إلى التفتيش، ليس فقط في أداء القضاء والشكاوى، بل أيضاً في أقلام المحاكم وتعليل الأحكام وكل ما يضطر المتقاضي إلى أن يسلكه في سبيل بلوغ الحق الذي يتعيّن علينا أن نعطيه إياه».
خلال المؤتمر الصحافي، كرّر وزير العدل أكثر من مرة التعبير عن سعادته بـ«إنجاز اكتمال أعضاء هيئة التفتيش»، حتى إنه أثناء مصافحته أعضاء الهيئة، أدّى ممازحاً التحية العسكرية لرئيس القاضي أكرم بعاصيري، الذي ردّ التحية بأحسن منها. تتميز هيئة التفتيش القضائي الحالي بخاصيّتين لم تتميز بهما أيّ هيئة تفتيش قضائية في تاريخ لبنان. الأولى أنها تضمّ سيدتين من بين القضاة، وهما «تتميزان بالأنوثة، لكنهما أيضاً سيدتان حديديّتان، فيهما النعومة والصلابة في آن واحد، علماً أن هذا الأمر حصل من دون الكوتا النسائية»، بحسب قول الوزير نجّار. أما الخاصية الثانية فتتمثّل في أنها الهيئة الأولى التي تتألف من عشرة أعضاء، إضافةً إلى رئيسها. ختم وزير العدل كلامه أمس بإعلان «طيّ صفحة في التفتيش القضائي بعد صدور كل الأحكام التي انتُظرت سنوات، لاتخاذ تدابير بحق المرتكبين»، مضيفاً «سننتظر من هيئة التفتيش القضائي أن تتخذ بعض التدابير الرمزية القوية لتوجيه رسالة واضحة إلى من يحبّ أن يفهم، بأن هناك إرادة صلبة لتقويم الاعوجاج في المرفق القضائي، وخصوصاً أنّ القضاء ليس كله فاسداً أو قائماً على الفساد. ونحن اليوم على الطريق الصحيح».


ملاحقة الفاسدين ... و«عديمي الأهلية»

أكّد رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي أكرم بعاصيري أن الهيئة «ستلاحق الفاسدين والمفترين دون تردّد، لأنّ سمعة القضاء اليوم على المحكّ، وما نريده هو تعزيز ثقة الناس بهذه المؤسسة». وأشار بعاصيري في حديث مع «الأخبار» إلى أن الهيئة ستضع برنامجاً لعملها في بيروت وكل المناطق وكل قصور العدل، لافتاً إلى وجود شكاوى يجري التدقيق فيها الآن، وهي قيد الدرس، لتحديد ما إذا كانت ستُحال على مجلس التأديب. قال بعاصيري في حديثه إنّ هناك توجّهاً للعمل وفقاً للمادة 95 من قانون القضاء العدلي، التي تعطي رئيس هيئة التفتيش القضائي صلاحية تحديد ما إذا كان هناك قاضٍ «عديم الأهلية»، وإحالة ملفه على مجلس القضاء الأعلى الذي يبتّه بحسب الآليات القانونية المرعية الإجراء.