اعتبار القاضي رالف رياشي أن واقع القضاء اللبناني «غير سليم» أثار استياءً في الجسم القضائي، أما اللواء جميل السيد فقد دعا رئيس المحكمة الدولية أنطونيو كاسيزي إلى النظر في التصريحات «الخطيرة» التي أطلقها رياشي
بيسان طي
نائب رئيس المحكمة الخاصة بلبنان، القاضي اللبناني رالف رياشي، تأسف لواقع القضاء اللبناني «غير السليم» في حديث نشرته «الأخبار» أول من أمس، وأثار هذا الكلام رداً من مصادر قضائية، ونشرته بعض الصحف، والأهم هو ما جاء في بيان صادر أمس عن المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد، متمنياً على رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي، عقد جلسة طارئة وفورية للمحكمة للنظر في التصريحات والاتهامات الخطيرة التي أطلقها نائبه. نائب رئيس المحكمة كان قد قال لـ«الأخبار» إن «المجلس العدلي لم يصدر أحكاماً غيابية في جريمة اغتيال الرئيس الراحل بشير الجميل، رغم مرور سبع سنوات على صدور القرار الظني». ورأى اللواء السيد أن «القاضي رياشي يضلّل عمداً الرأي العام والمحكمة الدولية في هذا الكلام المسيء إلى القضاء اللبناني كله، فيما هناك في هذا القضاء قضاة جيدون وقضاة فاسدون، وأنه كان على القاضي رياشي أن يقوم بدوره في قضية اغتيال الرئيس الراحل بشير الجميل»، وذكّر السيد بأن القاضي «رياشي نفسه كان عضواً فعالاً جداً في المجلس العدلي منذ حوالى عشرين سنة الى حين استقالته منذ بضعة أشهر، فما الذي منعه طيلة تلك السنوات العشرين من إثارة تلك القضية، بدلاً من المزايدة بها سياسياً اليوم بمناسبة زيارة وفد المحكمة الدولية الى لبنان؟ وهل وجوده اليوم في المحكمة الدولية يعطيه صك براءة عن تقصيره في المجلس العدلي حينذاك»؟ ورأى السيد «أن اتهام القاضي رياشي للذين يشككون في تسييس المحكمة الدولية «بأنهم لا يريدونها ولم يكونوا يريدونها أصلاً»، هو اتهام خطير لأكثر من نصف اللبنانيين الذين صدمهم تسييس لجنة التحقيق الدولية السابقة لجهة اعتمادها على عشرات شهود الزور لاتهام سوريا واعتقال الضباط الأربعة تعسفياً، وهو ما اعترفت به المحكمة الدولية نفسها منذ إطلاق الضباط وحتى محاضرات القاضيين كاسيزي وفرانسن في بيروت خلال اليومين الماضيين».
اللواء السيد قال لـ«الأخبار» إن القاضي رياشي «كان مشاركاً في الاعتقال السياسي للضباط الأربعة»، وذكّر بأنه كان قد أرسل رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قائلاً إنه سيتم تعيين «قاضٍ منحاز (في قضية احتجاز حرية الضباط الأربعة) وغير نزيه في المحكمة الدولية» وكان يقصد رياشي، وأضاف إنه علم بقضية هذا التعيين قبل حصوله لأن المدعي العام التمييزي «القاضي سعيد ميرزا أراد أن يكافئ القضاة الذين ساعدوه ومشوا معه» في قضية اعتقال الضباط الأربعة.
من جهة ثانية، نُقل عن مصادر قضائية قولها إن القاضي رياشي كان أحد أركان الجسم القضائي، وإن توصيف هذا الجسم بأنه غير سليم إنما يصيب رياشي نفسه. كما رد مصدر قضائي رفيع في كلام للزميلة «السفير» على إشارة القاضي رياشي بشأن قضية اغتيال الجميل، فتساءل إن كان في ذلك غمز من قناة سياسية معينة.
القاضي رالف رياشي كان في زيارة للبنان في إطار وفد من رئيس المحكمة الدولية أنطونيو كاسيزي وقاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، وقد شاركوا في مؤتمر من تنظيم المحكمة، بالتعاون مع جامعة القديس يوسف حول دراسة مقارنة بين القوانين الواجبة التطبيق في المحكمة وفي لبنان. وكان كاسيزي قد التقى ممثلين عن جمعيات غير حكومية. وأثار الصحافيون معه قضية الطلب الذي قدمه اللواء السيد بتسليمه كل المستندات التي تخوّله مقاضاة كل من ارتكب «الأفعال التشهيرية» بحقه أمام المحاكم الوطنية المختصة.


تسييس وتوظيف واستغلال

قال وزير التنمية الإدارية محمد فنيش إن المحكمة الدولية «أوقعت نفسها، وأوقعوها، في مطبّ التسييس والتوظيف والاستغلال، ونحن موقفنا واضح لجهة عدم الثقة بصدقية المحكمة، لكننا وافقنا على التعاون معها لكي لا يستغل أحد موقفنا لدفع الأمور باتجاه توجيه اتهامات لإعادة إحياء مشاريع الفتن في البلد»، متسائلاً «كيف يمكن أن تكون المحكمة حريصة على العدالة ما دامت لا تعالج فضيحة شهود الزور والضباط الأربعة». يذكر أن القضاء اللبناني كان قد احتجز الضباط الأربعة لنحو أربع سنوات بناءً على توصية رفعها رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس الذي اعتمد شهادة شخص يدعى محمد زهير الصديق. وتحوّل هذا الأخير، بحسب ميليس، إلى «مشتبه فيه» بسبب تناقض إفاداته.