دخلت مجموعة من فرع المعلومات على متن سيارة إلى بلدة كترمايا و«اختطفت» أحد المشتبه فيهم بقتل المواطن المصري محمد مسلم، وهو مصطفى ع. الجيش طوّق البلدة والجميع يعيش حالة ترقّب. ردّ الأهالي بقطع الطريق، فيما لا يزال عدد منهم تحت المجهر
رضوان مرتضى
دخلت سيّارة من نوع (BMW) يستقلّها أربعة أشخاص بلدة كترمايا ظهر أمس. اقتربت من أحد أبناء البلدة وتوقفت بصورة مفاجئة أمامه. ترجّل منها الأشخاص الأربعة المسلّحون صارخين بأنهم من التحرّي. أمسكوا بالمواطن مصطفى ع. وأدخلوه إلى السيارة بالقوّة. الرواية المذكورة نقلها شاهد عيان من بلدة كترمايا لـ«الأخبار»، فيما تبيّن لـ«الأخبار» أنّ الأشخاص الأربعة هم من رجال فرع المعلومات، بينما الشاب الموقوف هو أحد المشتبه فيهم بقتل المواطن المصري محمد سليم مسلم. ذكر مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» أنّ «الموقوف هو أحد الذين ظهرت صورهم في وسائل الإعلام وهو يحمل جثّة محمد مسلم على متن السيارة التي جابت شوارع البلدة».
عملية التوقيف التي نفّذها رجال من فرع المعلومات، استدعت ردّ فعل غاضباً من أهالي البلدة، فتجمّعوا مقابل مسجد كترمايا، وقطعوا الطريق احتجاجاً على توقيف القوى الامنية أحد أبناء البلدة. كذلك وضعوا الإطارات في وسط الطريق، ومنعوا السيارات من المرور في الاتجاهين.
في هذا الإطار، ذكر مصدر متابع للتحقيقات لـ«الأخبار» أنّ «ردّ الفعل الذي كان متوقّعاً هو الذي دفع القوى الأمنية إلى القيام بالتوقيفات بطريقة خاطفة تحاشياً للتصادم مع الأهالي»، وأشار المصدر المذكور إلى أن المجموعة التي نفّذت عملية التوقيف هي من ضمن فرقة متخصصة في فرع المعلومات لإجراء هذا النوع من التوقيفات.
التوقيف المذكور ليس الوحيد الذي نفّذه رجال من القوى الأمنية، فقد علمت «الأخبار» أنه جرى توقيف عمر س. في البلدة ثم أطلق سراحه. كما ذكرت معلومات أن عناصر من فرع المعلومات أوقفوا أحد أبناء البلدة عبد ع. وكان في بلدة برجا أيضاً.
التوقيفات الحاصلة جاءت بعد يوم واحد على إعلان وزير العدل إبراهيم نجّار أن النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا كلّف فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إجراء التحقيقات اللازمة توصّلاً لمعرفة هوية كل من تعرّض لضباط وعناصر قوى الأمن الداخلي، وعاملهم بالعنف، وحطّم إحدى الآليات، واعتدى على الموقوف محمد سليم محمد مسلم، المصري الجنسية في بلدة كترمايا، ومستشفى سبلين الحكومي ضرباً وسحلاً وطعناً، ومن ثم تعليقاً على أحد أعمدة الكهرباء. وطلب ميرزا استجواب من يظهرهم التحقيق تمهيداً لاتخاذ التدابير المناسبة بحقّهم.
في هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن ثمّة معلومات أساسية لدى الأجهزة الأمنية، حصلت عليها من صور الفيديو التي جرى تناقلها عبر الهواتف الخلوية، ومن إفادات أشخاص كانوا موجودين لحظة وقوع الجريمة، تُثبت تورّط عشرة أشخاص على الأقل في جريمة القتل. تُحدّد هذه الصور خمسة أشخاص شاركوا في خطف المشتبه فيه، محمد مسلم، من عناصر قوى الأمن قبل أن يقتلوه. كذلك تحدّثت المعلومات عن أن الخمسة الآخرين الذين جرى تحديد هوياتهم أيضاً، قد شاركوا في التنكيل بجثّة مسلم. في هذا المجال، ذكر مسؤول أمني لـ«الأخبار» أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي قد كلّفت شعبة العلاقات العامة التابعة لها، جمع الصور التي تُظهر أحداث ما حصل في كترمايا من وسائل الإعلام التي غطّت وقائع الحادثة، لتحديد كل المشاركين في الجريمة.

لم تُحرز التحقيقات أيّ تقدّم في تحديد الأسباب المباشرة للجريمة الأولى

في الوقت الذي كانت تتّجه فيه الأنظار نحو المراجع القضائية لمعرفة موطئ الخطوة المقبلة للأجهزة الأمنية في ما يتعلّق بجريمة قتل المواطن المصري في كترمايا، تحرّكت القوى الأمنية بصورة خاطفة بعد مرور ساعات على صدور الاستنابات القضائية، رغم التحذيرات التي أطلقها رئيس بلدية كترمايا بمنع توقيف أيٍّ من أبناء البلدة، فأوقفت ثلاثة أشخاص من بلدة كترمايا يشتبه في أنّهم شاركوا في الجريمة، استناداً إلى معلومات توافرت عنهم كانت موجودة بحوزة القوى الأمنية مسبّقاً.
الاستنابات القضائية المُرسلة إلى فرع المعلومات رمت كرة القضية في ملعب الأجهزة الأمنية، فبدأت الأخيرة تحرّكاتها بناء على إشارة القضاء لتوقيف المشتبه فيهم، ولتحديد آخرين تمهيداً لتوقيفهم. أُوقف ثلاثة مشتبه فيهم في جريمة قتل المشتبه فيه بقتل أربعة مواطنين لبنانيّين، فتداعى الأهالي غاضبين مطالبين بإطلاق سراحهم، لأن من «قتل القاتل هم أبناء بلدة كترمايا الـ14000»، مؤكّدين أنّ دماء الضحايا الأربع كانت تقتضي الاقتصاص منه بهذه الطريقة التي تتناسب مع فظاعة الجريمة التي ارتكبها بحق طفلتين وعجوزين.
يشار إلى أن التحقيقات تتركّز حالياً على منفّذي جريمة قتل المشتبه فيه محمد مسلم، التي تتوالى ردود الفعل على إدانتها دولياً، فيما لم تُحرز التحقيقات أيّ تقدّم في تحديد الأسباب المباشرة للجريمة الأولى (أي جريمة قتل يوسف أبو مرعي وزوجته وحفيدتيهما) التي لا تزال غامضة.


لقطة

فور شيوع خبر اعتقال ثلاثة شبّان من أبناء البلدة، تداعى أهالي كترمايا عبر مكبّرات الصوت في المسجد إلى إقفال المحالّ التجارية، والتجمّع في ساحة البلدة. الأهالي الذين علموا بحصول التوقيفات «لبّوا النداء»، وسارعوا إلى الاحتشاد، معبّرين عن استيائهم لتوقيف ثلاثة من أبناء بلدتهم. وقد عبّر هؤلاء عن اعتراضهم على التوقيف بقطع الطريق المؤدية من البلدة وإليها. وحمل الأهالي لافتات وصوراً تُظهر ضحايا الجريمة، مندّدين بالتوقيفات التي حصلت.
كان من بين المحتشدين والدة الضحيّتين رنا أبو مرعي، التي قالت «إنّ من قتل القاتل وعلّقه هو أرواح والديّ وطفلتَي"، كذلك احتجّ حشد من بلدتَين جارتين لكترمايا على عملية التوقيف، ونزلوا إلى مثلّث كترمايا ــــــ المغيرية ـــــ مزبود وقطعوا الطريق بالحجارة والإطارات.


بارود: لتحديد المسؤولية في إساءة التقدير

طلب وزير الداخلية زياد بارود من المفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي إجراء تحقيق لتبيان مكامن الخلل في تقدير الموقف، والمسؤولين عن ذلك، وبعد ورود تقرير المفتش العام العميد سيمون حداد، أحال الوزير بارود التقرير المذكور على النيابة العامة التمييزية، لضمّه إلى ملف التحقيق العدلي إذا ارتأت هي ذلك، واستثماره في تحديد المسؤوليات. صدر عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بيان عن جريمتَي كترمايا اللتين جرى التباحث فيهما على أعلى المستويات، مشيراً إلى أنهما عُرضتا في جلسة مجلس الوزراء. ولفت البيان إلى أنه بسبب فظاعة الجريمة وردّ الفعل الذي نتج عنها، أحال القضاء المختص الملف مساء الخميس على شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، التي نفّذت عملية دهم أمس، أدّت إلى توقيف اثنين من المشتبه فيهم.