بنت جبيل ــ داني الأمينحلّ فصل الصيف، وبدأ موسم تجّار المياه في بنت جبيل. ففي هذا الفصل، تنقطع المياه عن بعض القرى الجنوبية، خصوصاً في ظل سوء توزيع مياه الدولة على المواطنين. وقد تصل في أحيانٍ كثيرة إلى الانقطاع التام، كما يحصل في بلدة يارون التي يشكو أبناؤها منذ سنوات عدّة اضطرارهم إلى شراء حاجتهم من المياه. وما يزيد الطين بلة، عدم اكتراث المعنيين بمأساتهم هذه.
أما مياه الدولة، فإن وصلت فمرّة «بالأسبوعين»، يقول أبو خليل بيضون، من مدينة بنت جبيل. لا يجد أبو خليل سبيلاً لتوفير المياه سوى الشراء، وما يستتبع ذلك من أعباء مادية. سابقاً، كان الرجل يستعين ببئر خاصة تتجمع فيها مياه الشتاء، لتأمين المياه، لكنها الآن جفّت ولم يعد في اليد حيلة. ما يقوله أبو خليل يؤكده بسام شرارة، فيشير إلى أن «مياه الدولة تأتي شتاءً في الوقت الذي لا نحتاج فيه إليها، وفي فصل الربيع نصرف ما لدينا من مياه الآبار الخاصة، أما في الصيف فنلجأ الى شراء المياه من أصحاب المصالح». لكن يبدو أن المشكلة ليست هنا، فبحسب شرارة «المشكلة في أصحاب النفوذ، فالبعض منهم يتصّل بالمسؤولين عن توزيع المياه، ويحصل على ما يريد من مياه». ويضيف «قال لي أحد المواطنين إنه ملأ بئر مياه منزله في يوم واحد بعد أن أجرى اتصالاً بأحد المسؤولين، أما أنا فأضطرّ الى دفع 45 ألف ليرة كلّ أسبوع لشراء المياه التي لا نعرف مصدرها ومدى صلاحيتها للاستخدام». أمّا كامل شاهين من بلدة يارون، فيقول إنه «في فصل الصيف تغيب المياه، رغم أنني مشترك في المياه وأدفع كل سنة رسم 223 ألف ليرة». ويؤكد محمود أحمد النجّار كلامه، وهو الذي يضطرّ الى شراء المياه أسبوعياً لتأمين مياه الشفة لأسرته.

كسّر المتضرّرون عدّاداً ركبته الوزارة لقياس حجم المياه المضخوخة

مصدر في مصلحة مياه بنت جبيل يشير إلى أن «المياه لا تؤمّن الى المنطقة بكمية كافة، وقد تمرّ أيام طويلة دون أن تجرّ المياه إلى منطقة بنت جبيل لأن معظمها يُحوَّل الى بساتين منطقة صور، وهناك موظّف واحد يشرف على المياه في 13 قرية وبلدة تابعة لمصلحة مياه بنت جبيل». ويعترف المصدر بأن «التذرّع بوجود أعطال في مضخّات المياه غير صحيح، لأن المدير العام للوزارة عند حضوره الى المنطقة لمتابعة أحوال المياه وجد أن المياه تصل جيداً الى معظم القرى والبلدات». ويبيّن أن «حصّة 13 بلدة في بنت جبيل منذ عام 2003 هي 5000 متر مكعّب، وأن عدد المشتركين تضاعف منذ تلك الفترة، وأكثر من نصف هذه الحصّة لا تُضخّ، رغم أن المسؤولين لا يعترفون بذلك، وقد ركبّت الوزارة عدّاداً لقياس حجم المياه التي تُضخّ الى المنطقة، لكن المتضررين عمدوا الى تكسيره، ولم يُعَد تركيب عدّاد آخر منذ مدّة طويلة». رامي الحاج من رميش، يقول إن «البلدة التي يعتمد معظم أهلها على الزراعة، لا تصلها مياه الدولة إلاّ 5 ساعات في الشهر الواحد». ويؤيّد ذلك الموظّف في المصلحة الذي بيّن أنه «في بلدة رميش 750 مشتركاً يدفعون رسوم المياه التي لا تصل الى البلدة إلاّ نادراً، في المقابل هناك أنبوب مياه غير رسمي يؤمن المياه لبلدة قريبة يسكن فيها أحد المسؤولين الكبار».