صور ــ آمال خليل أخيراً، عاد الكتاب للتجول في صور. فقد وصل إلى هنا، المهرجان المتجول الرابع لكتب الأطفال والناشئة الذي تنظمه وزارة الثقافة في المناطق، بالتعاون مع مؤسسات محلية ودولية. ويكتسب هذا المهرجان ميزة خاصة في مكتبة صور العامة، التي تحتضنه للسنة الثانية على التوالي، ويستمرّ فيها حتى يوم السبت المقبل. وإذا استثنينا تنوع أنشطة المهرجان اليومية التي امتدت طوال خمسة أيام وتنتهي مساء اليوم، فإن الموقع الجغرافي للمهرجان في الحارة القديمة في صور في المكتبة العامة يمنحه رونقاً خاصاً.
وتزامن بدء فعاليات المهرجان مع تركيز بلدية صور المنتخبة وفعالياتها وأجهزتها الأمنية، لرفع الغطاء الملتبس عن الحارة وأهلها. شاع عن المنطقة أنها مساحة للحرمان والفقر المدقع. الأهل ينفون ويرون في المهرجان الثقافي فرصة لإثبات العكس. هكذا، شهد المهرجان رعاية من البلدية وإقبالاً ملحوظاً من أطفال الحارة على عرض الافتتاح الذي تضمن مسرحية الدمى التعبيرية «زازان» للمخرج نعمة نعمة ومعرضي رسم للفنانة الفرنسية ميشال آريلانو وللرسامتين الفلسطينيتين لبنى ويارا. وقد حظي هؤلاء بلقاء من الحكواتي أحمد طي وورشة رسم مع مجموعة «كهربا» وكتّاب لقصص الأطفال وحكواتيين ومسرحيات دمى هادفة. الجو مختلف عما تقوله الشائعات. فخلال الاستراحة بين العرض والآخر، تجلس أماني (12 عاماً) وإسراء (10 سنوات) ونادرة (10 سنوات) عند مدخل المكتبة المطل على الزقاق العريض في الحارة. كأنهن صاحبات المكان. يعرضن المساعدة على زوار صغار ربما يأتون للمرة الأولى. يرشدنهم إلى أنواع الكتب المتوافرة للمطالعة ودوام المكتبة وأنشطتها ونظام الإعارة. الطفلات لا يرتدن المكتبة وحسب، بل هن جارات لها أيضاً.

دعم أنشطة المكتبة ليس الحل الوحيد لتأهيل الحارة القديمة
تتحدث نادرة عن اشمئزازها من مشهد السكارى في الليل والنهار، ومن الأطفال المدخنين والمتسربين من المدارس، والأشخاص الذين يطلقون ألفاظاً نابية. أماني تبدي انزعاجها من الأهل الذين يتركون أطفالهم في الشوارع من دون الاهتمام بهم، ما يجعلهم عرضة للخطر والسوء. اتفقت الثلاث على خوفهن من الخروج بمفردهن حتى في ساعات النهار، تحسباً لتعرضهن لتحرشات من هنا وهناك ومشاهدتهن عراكاً عنيفاً يقع من دون سبب أو أشخاصاً يحطمون المقاعد الخشبية على الكورنيش. هكذا، تنفّست البنات والعشرات من أقرانهن الصعداء لدى افتتاح المكتبة التي تحفل بين الحين والآخر بأنشطة متنوعة، فضلاً عن أنها تفتح أبوابها يومياً للمطالعة واستخدام أجهزة الكومبيوتر ومشاهدة عروض السينما.
من جهته، لفت المشرف على المكتبة، إسماعيل شرف الدين، إلى أن «دعم أنشطة المكتبة ليس الحل الوحيد لتأهيل الحارة القديمة، بل العمل على تغيير السلوك العام من خلال التدخل الاجتماعي والاقتصادي». وفي سياق منفصل، يُفترض أن يكمل المهرجان المتجوّل للكتب طريقه إلى جباع وجب جنين وعاليه وعكار والهرمل، بعدما كان في مخيم شاتيلا الأسبوع الفائت.