رامي زريقعلى الجمعيات غير الحكومية (NGO’S) أن تعي تماماً أنها قد تصبح أداة لإعادة إنتاج النظام السائد، إلا إذا تبنّت أجندة سياسية تحريرية تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وعملت على تنفيذها. يتطلّب هذا الموقف شجاعة في مواجهة النظام المسيطر، سياسياً كان أم اجتماعياً أمك اقتصادياً. ومن المؤسف أن تكون جمعيات عديدة، وخاصة تلك المرتبطة بحبل سري مع المؤسسات والجمعيات الدولية، قد أصبحت في مأزق يصعب الخروج منه. إذ إنها تحوّلت إلى بوق يروّج لمبادئ ومفاهيم بعيدة كل البعد عن تطلّعات وآمال المجتمعات التي تنوي، نظرياً، مساعدتها على النهوض. ومن الحالات العبثية التي نواجهها هذه الأيام، ترويج بعض هذه الجمعيات للتمويل المشروط سياسياً، الذي تقدّمه سفارات بلدان أجنبية معروفة بدعمها المطلق لإسرائيل، وبتسويقها سياسات اقتصادية نيوليبرالية تصنع الفقر بدلاً من أن تقضي عليه. وفي حالات أخرى، تفضّل هذه الجمعيات أن تنتمي إلى «الأسرة الدولية» بدل انتمائها للأسرة العربية، فتراها تتدافع نحو المنابر الشرق أوسطية، حيث يجمعها العرّاب الليبرالي مع العدو الصهيوني، تحت راية البيئة وحقوق الإنسان، فيما يكون هدفه الرئيسي هو فرض التطبيع على المجتمعات العربية التي تزعم هذه الجمعيات أنها تمثّلها. لقد حان الوقت لأن تشبك الجمعيات والجهات الأهلية العربية بعضها مع بعض على أسس صلبة ومتينة تكون سياسية بامتياز وتمثّل قضية فلسطين والمقاومة والعدالة الاجتماعية ثوابتها الأساسية، مرتكزة بذلك على العمل الطوعي بدلاً من الامتهان الذي يؤدي إلى التبعية والذيلية للمموّل الخارجي الذي يفرض عليها التنازلات. لقد حان الوقت لميثاق شرف يربط الجمعيات الأهلية العربية حتى تشارك فعلياً في تحرير الأرض والإنسان.