strong>محمد نزالحادثة إهانة سودانيّين في لبنان لم تمرّ مرور الكرام، رغم محاولات احتوائها من جانب المسؤولين اللبنانيّين والسودانيّين. فقد اعتدى أفراد من الأمن العام على مواطنين سوادنيّين، واستخدموا عبارات «عنصرية» ضدهم. هزّت العبارات التي استُخدمت الرأي العام في السودان، ودفعت بعضهم إلى المطالبة بطرد السفير اللبناني من الخرطوم، ومقاطعة المنتجات والمصارف اللبنانية. بعد صدور بيانات إدانة من جانب كلّ من «حزب الله» و«الاشتراكي» و «الشيوعي»، وبعد تأكيد وزير الخارجية علي الشامي أن الحادثة «فردية»، وأنّ التحقيقات جارية لكشف ملابساتها و«معاقبة المسؤولين عنها»، عقد سفير السودان في لبنان إدريس سليمان مؤتمراً صحافياً، أمس، في فندق «البريستول»، شدّد فيه على الطابع «الفردي» للحادثة، التي «لا يمكن ولن نسمح بأن تصبح مشكلة بين شعبين شقيقين». غير أن أخطر ردّات الفعل على الحادثة كان ما حصل أمس، أمام السفارة اللبنانية في الخرطوم، حيث أعلن السفير اللبناني في السودان أحمد شمّاط عن «مسيرة مثقّفين سودانية» وصلت إلى أمام السفارة، حاملةً شعارات «ضد لبنان». وأشار شمّاط إلى أن المتظاهرين كانوا يحملون علماً لبنانياً «وُضعت عليه شارة X باللون الأحمر»، فتسلّم منهم مذكّرة طالبوا فيها بإجراء تحقيقات في الحادثة، ودفع تعويضات و«تقديم اعتذار رسمي للشعب السوادني». بعد إعلان شمّاط استنكاره للحادثة التي حصلت في لبنان، شجب في المقابل بشدّة شطب المتظاهرين الأرزة اللبنانية بعلامة X باللون الأحمر، معتبراً هذا التصرّف «إهانة للدولة والشعب اللبنانيّين»، مطالباً بالاعتذار من الشعب اللبناني، فهذا التصرف «يكون ضد إسرائيل، عدو لبنان والسودان والعالمين العربي والإسلامي».
التقت «الأخبار» السفير السوداني في لبنان إدريس سليمان، وسألته عن الإجراءات التي اتخذتها السفارة لمعالجة ذيول الحادثة، فأكّد أنه بعدما قرأ عن الحادثة التي أثارتها «الأخبار» قبل أيام، اتصل مباشرةً بالمدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني، وأخبره رفض السودان الشديد لأيّ إساءة تطاول المواطنين السوادنيين في لبنان، مع التأكيد على أنّ «الحادثة فردية ولا يمكن أن تعبّر عن حقيقة المشاعر التي يكنّها اللبنانيون تجاه إخوانهم السودانيّين». وأشار سليمان إلى «خطورة أن يعمّم شعور الكراهية بين الشعوب، وللأسف، فإنّ الأوساط الشعبية غالباً ما تلجأ إلى التعميم في مثل هذه الحالات». وأكّد سليمان أن السفارة في بيروت «لا تميّز بين رعاياها في لبنان، وليس في حساباتها أيّ منطلق مناطقي أو سياسي أو حزبي، بل تقدّم الخدمات إلى الجميع من شمال وجنوب وغرب ومن كل اتجاهات السودان». سليمان كان قد زار اللواء جزيني أمس، وصدر بعدها بيان عن الأمن العام جاء فيه أنّ «تحقيقاً رسمياً يجري حالياً مع الضباط والعناصر الذين تولّوا التنفيذ، للتأكّد من عدم وجود مخالفات مسلكية جرت خلال عملية الدهم والتوقيف». أشار بيان الأمن العام إلى أن السفير السوداني «أصر على إعادة الأمور إلى حجمها، ولا سيّما أنّ هناك رعايا سودانيين أرادوا من خلال تواصلهم مع وسائل الإعلام تسهيل قبول طلبات لجوء تقدّموا بها إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، عبر الادّعاء بوجود تمييز عنصري وسوء معاملة بحقهم». وعن هذا الموضوع، قال سليمان لـ«الأخبار» إنه لم يعد هناك من سبب للجوء أيّ سوداني إلى بلد خارج بلاده، وخاصةً «بعد المصالحة التي حصلت بين المعارضة والحكومة في السودان، ونحن مستعدّون لإعادة أيّ لاجئ لينال كامل حقوقه كأيّ مواطن، ولذلك، فإنّني أحمّل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين مسؤولية قبول طلبات اللجوء من جانب البعض، وعدم توطينهم في بلد ثالث، بل تركهم في لبنان، حيث يواجهون المشاكل القانونية».