توفّي موقوف في سجن رومية فتوالت ردود الفعل. المسؤولون المعنيّون يرون أن الحادث قضاء وقدر، لكن أهل السجين يرون أن إهمال حرّاس السجن ورفض القاضي إخلاء سبيله أدّيا إلى «مقتله»
رضوان مرتضى
«وافقوا على نقل فؤاد الى المستشفى بعدما شهق شهقته الأخيرة» يقول أحد السجناء، شارحاً اللحظات الأخيرة التي عاشها مع فؤاد. يتحدث السجين المذكور عن «أسباب عديدة أدت إلى وفاة فؤاد»، أول هذه الأسباب يتمثّل بعدم جلب الدواء له رغم الوصفة الطبية التي يحملها، فضلاً عن تأخير نقله الى المستشفى ومماطلة حرّاس السجن في الاستجابة، رغم الوضع الصحي الحرج للموقوف. يضاف الى ما سبق معاناة طويلة ترجع الى أشهر متلاحقة قُدّم فيها العديد من طلبات إخلاء السبيل للموقوف، مُرفقة بتقارير طبية تشرح حالته الصحية، لكن القاضي كان يرفضها دائماً لأسباب لم تُذكر. إذاً، رحل الموقوف فؤاد عبد الساتر، نزيل المبنى «ب»، في سجن رومية أول من أمس. عبد الساتر سبق أن نُقل في حالة طارئة مساء الأربعاء الى مستشفى ضهر الباشق، فتبيّن أنه بحاجة الى إجراء عملية جراحية عاجلة في القلب، فخضع لعملية زرع (راسّور وبالون) قبل إعادته الى السجن يوم السبت الفائت، لكنه ما لبث أن فارق الحياة في اليوم التالي.
ليست هي المرّة الأولى التي يموت فيها سجين وراء قضبان سجن رومية، لكن لفؤاد قصّة تنسحب على عدد غير قليل من السجناء الذين يعيشون معاناة يومية مع المرض في أروقة السجن، بدل أن يكونوا في أماكن مؤهّلة تتوافر فيها العناية الطبية التي يحتاجون إليها. في هذا الإطار، يؤكّد أقرباء فؤاد الحالة الصحية الصعبة التي كان يعانيها الموقوف أثناء وجوده في السجن، مشيرين الى أنه يعاني من أمراض الضغط والقلب والسكّري. كذلك يذكر أحد أقرباء فؤاد لـ«الأخبار» أنه جرى تقديم أكثر من ثلاثة عشر طلباً لإخلاء سبيل الموقوف فؤاد بسبب وضعه الصحّي، لكن جميعها قوبلت بالرفض من القاضي. ويلفت قريب فؤاد الى أن جميع إخلاءات السبيل كانت قد أُرفقت بتقارير صحيّة من أكثر من طبيب تشرح خطورة وضعه الصحي واحتمالات وفاته إن لم يخضع للرقابة الطبية اللازمة. وقد كشف القريب المذكور عن تقرير طبّي للدكتور ناجي سالم، وهو اختصاصي بأمراض الجهاز الهضمي والتنظير، يلفت فيه الطبيب الى أن حالة الموقوف تتطلّب مراقبة دقيقة. ويشير الى أن «هذه المراقبة غير متوافرة في السجن»، وذلك «قد يؤدي الى مشكلات خطيرة قد تكون سبباً لوفاته».


تقدّمت عائلته بأكثر من 13 طلب إخلاء سبيل، لكنها رُفضت جميعها

رواية العائلة التي أكّدت جزءاً كبيراً منها المستندات والتقارير الطبية المقدّمة، تنفيها الرواية الأمنية ولا سيّما في الشق المتعلّق بإهمال حرّاس السجن. فقد ذكر مسؤول أمني لـ«الأخبار» أن السجناء الذين يخضعون لعمليات جراحية يعاملون معاملة خاصة نظراً إلى حالتهم الدقيقة التي لا تحتمل الخطأ. ويشير المسؤول المذكور الى أنه جرى نقل الموقوف المريض بالسرعة المطلوبة من دون مماطلة أو تلكؤ الى المستشفى لأن حالته كانت تستدعي ذلك، لافتاً الى أن الأخير قد تُوفّي في المستشفى. لكن حسن عبد الساتر، شقيق الموقوف المتوفى الذي كان معه في اللحظات الأخيرة، أكّد أن شقيقه توفّي في السجن بعدما انتظر نحو ثلاث ساعات وصول سيّارة الإسعاف، لافتاً الى أن الحرّاس وضعوا الأصفاد في يدي شقيقه رغم أنه كان قد فارق الحياة لأنهم ظنوا أنه غاب عن الوعي. وأكّد حسن أن شقيقه قضى مظلوماً بفعل إهمال الحرّاس ورفض القاضي إخلاء سبيله، مشيراً الى أن توقيفه فيه ظلم أصلاً، لأنه أوقف طوال هذه المدة للاشتباه فيه ولم يحاكم بعد أو يصدر الحُكم بفعل تأخّر الجلسات وبطء سير المحاكمات. وفي هذا السياق، يشار الى أن فؤاد عبد الساتر موقوف منذ سنتين وشهرين لشبهة الاتجار بالمخدرات. يذكر أن سجن رومية شهد في اليوم نفسه أيضاً وفاة السجين حسن نادر (75 عاماً) الذي نُقل إلى مستشفى ضهر الباشق إثر إصابته بنوبة قلبية، لكنّه ما لبث أن فارق الحياة.