الناس يمشون كثيراً في النبطية. باتت الرياضة جزءاً هاماً من يومياتهم، وإن اختلفت أسبابهم. عادت هذه «الموضة» أخيراً. أصبحت الأحياء والشوارع الرئيسية تعج بالرياضيين. فجأة، كثر الاهتمام بالرشاقة. طبعاً، المشي أنواع، وليس رياضة دائماً. في النبطية، هناك مشي «استعراضي»، يهدف في رأي كثيرين إلى عرض أزياء على الشارع العام مع «ميك آب كامل وكحلة مشروحة»، وطبقة سميكة من «البودرة». وهناك أيضاً الجري السريع في «التايور» مراعاةً للاحتشام. وبطبيعة الحال، ثمة من يمارس الرياضة بثياب «النايلون» والقطن الرياضية على أمل تحقيق أكبر فائدة مرجوّة من الجري على الشارع العام. وأجمل حلقات المشي، تتألف من كوبلات «المتقاعدين». المتقاعدون من الرياضة، لا من الحب. هكذا، يعودون إلى المشي، خوفاً من «الكولسترول» مثلاً، وطمعاً بجسم نحيف ولو «على كبر». المهم في الأمر، أن الجميع بات يمشي. «الضهرات» باتت مكلفة، إذاً: إلى «الكزدورة» سر. لكن، هذه الموضة المتجدّدة تواجه بعض المشكلات. يتزامن توقيت نزول غالبية الرياضيين إلى الرصيف، مع حركة سير ملحوظة، وخصوصاً على الطريق السريع بين النبطية ومرجعيون. المشكلة لم تكن لتظهر، لولا تكاثر الحفر وغياب الأرصفة المحدّدة للمشاة أو الحدود الواضحة للطريق. تالياً، يتعرّض بعض المشاة لخطر «الدهس»، لكن «بعضهن» مستعدات للمخاطرة، على قاعدة «الاستعراض» لصيد العرسان من الرياضيين أيضاً. هكذا، تجمع الطريق الرئيسة العديد من المشاة الآتين من مختلف الضيع الجنوبية. أصبحت الطريق ملتقاهم الرئيسي، لغايات متعدّدة. فبينما يمشي كثيرون والموسيقى في آذانهم، يقف بعض المارة يومياً للتدقيق بالمشاة الآخرين. يحفظون أشكالهم، أزياءهم، وحتى طريقة مشيهم. يبدأون التعليق على التعديلات الطارئة عليهم، إذ كثيراً ما تسمع عن فلانة «التي نحفت» وفلانة «لم تنفع معها الرياضة ولو مشت مسافات طويلة كل يوم». أما الشبّان، فلهم حديث آخر «مفعم» بالتحديات لصيد الجميلات. لهذا الصيد أصوله: هدف الكزدورة الأولى هو استعراض الفتيات من حيث الشكل، فيما تؤجّل عملية اختيار الفتاة المناسبة للكزدورة الثانية. وبعد الاختيار يبدأ «التكتيك»: تغميز بأضواء السيارة المغسولة جيداً، يترافق مع ارتفاع صوت الأغاني وأكثرها «شفتا بشارع الحمرا». وحين يلمس شباب الكزدورة تجاوباً يبادرون بكلمتين أشبه بكلشيهات معتمدة «فينا نتعرف مع رقم التلفون والأهم الإيميل». تستجيب بعض الفتيات، فيما ترفض أخريات. ولمن تعطي «ريق حلو» غداء في أحد المطاعم الذي أصبح ملتقىً للعشاق بسبب قربه من رصيف المشاة. ثمة طرق أخرى تغري الشباب للمشي عليها. فـالطبيعة في شارع «سهل الميدنة» تجذب شباناً كثراً للاحتكاك بها. الشباب في سهل الميدنة ليسوا فقط من أبناء مدينة النبطية أو بلدة كفررمان التي أصبحت سياحية بامتياز، بل يأتي بعضهم من العاصمة كأصحاب الاهتمامات البيئية، فتلفتهم نفايات تلقى بعد نهاية الكزدورة أو الرياضة. اللافت أن «محصول» الرياضة في حالات كثيرة يندثر قبل التمتع به. كيف لا؟ والنرجيلة في الاستراحة الـ«هاي كلاس» أو العاديّة، هي التي تختتم اليوم الرياضي الجميل!
مايا...