محمد محسنقديماً، كان الشروال لباساً معتمداً في كل شيء. للزراعة شروالها، وكان يسمّى «شروال العري».. وللجلوس وقت العصر أو في السهرة مع الأصدقاء شروال. وللعرس شروال مطرّز. الفتيات حينها، جدّاتنا الآن، كنّ يعجبن بالرجل الذي يهتم بشرواله وقمبازه. ببساطة، كانت تلك «علامات الأناقة في ذلك الزمان، قبل أن تصبح البذلة وربطة العنق هي الأناقة في أيامنا»، كما تقول الحاجة هنيّة جابر. لم يكن من رجل إلا ولديه أكثر من شروالين أو ثلاثة. تتندّر الحاجة هنيّة على ذلك الزمن، مبدية انزعاجها من «اللبس الإفرنجي اليوم، ببيّن الرجّال متل العصفور»، كما تقول ضاحكةً. لا تزال الجدة تفضّل الشروال الذي كان يرتديه زوجها على لباس أبنائها وأحفادها اليوم، لكنها تتفهّمهم، «لا يمكنهم لبس الشروال. لكلّ زمن ملابسه وأناقته». كغيرها من المعجبات بالشروال، تستنكر الحاجّة المثل الشعبي الدارج «بعدو شروال جدّك معلّق عالتوتة». قصّة هذا المثل، كما وصلت إلى الحاجّة هنيّة بالتواتر، بدأت حين جاء أحد الشبّان مختالاً بسرواله الإفرنجي، ومتفاخراً بأناقته، فما كان من أحدهم إلا أن «كبسه» بتلك الجملة التي تحوّلت مثلاً، يُضرب كلّما افتخر شخص بشيء جديد وأراد الآخرون إيقافه عند حدّه. مردّ استنكار الحاجّة هو «أن الشروال ليس دليلاً على عدم الأناقة. هل أصبحنا نخجل من تراثنا؟ ألا ترون كيف يرتدي الرجال ما يشبه التنانير في بريطانيا؟». تتوسّع في ثقافتها «الشروالية» طارحةً أمثلة لشخصيات أدّت دور البطولة في مسلسلات «العصر الذهبي» لتلفزيون لبنان، كأبو ملحم وأبو سليم الطبل. أمّا عن لبس الفتيات للشروال حديثاً، فتضحك الحاجّة وتجيب بثقة: «شو عليه، خلّي البنات يلبسوه ويعجبن، بلكي بيرجعوا الرجال بيلبسوه كمان».