عمر نشّابةهل يعود المحكوم عليه بالسجن إلى الجريمة بعد إخلاء سبيله؟ أم يكتسب خلف القضبان حيَل الإفلات من الضابطة العدليّة من خلال معايشة «خبراء» الجريمة وشبكاتها؟ أم يتحوّل الأمر إلى قضية حقوقيّة بسبب سوء ظروف الاحتجاز، أو بسبب تأخّر إثبات ارتكاب الذنب أو عدمه؟
المنع من الحرية هو العقوبة الأساسية التي يعتمدها النظام القضائي في لبنان، لذا يفترض تحديد نتائجها. ولا بدّ من تفقّد السجون ودراسة ظروف الاعتقال وقياس مدى تأثير تلك الظروف في تصرّف المحكوم عليه بعد خروجه إلى الحرية.
إن مشكلة السجون في لبنان وإدراجها في وزارتي الداخلية والعدل ضمن برنامج الإصلاح (بحسب البيان الوزاري للحكومة الحالية) يفترضان السعي إلى تطوير مفهوم عدليّ حديث في لبنان.
يعتمد مفهوم كهذا التوازن بين المنفعة العامة من جهة، والتزام القواعد الحقوقية من جهة ثانية، ويستدعي التركيز على نتائج طويلة الأمد.
إنّ تمكّن الشرطة من القبض على مشتبه فيهم بارتكاب جرائم تمثّل خطراً على سلامة الآخرين وأملاكهم، وتمكّن القضاء العادل من محاكمتهم وإنزال العقوبات بحقّهم، يعدّان إنجازين على المدى القريب. فإذا عاد المحكوم عليه إلى اقتراف ما ارتكبه من جرائم، يقتصر دور الضابطة العدليّة، ومن يشرف عليها، على توفير حماية تنتهي صلاحيتها لحظة إخلاء السبيل.
أما إذا تمكّنت خطّة الدولة لإصلاح السجون من تحويلها إلى سجون لإصلاح السلوك الجنائي، فتصبح إنجازات الضابطة العدلية والقضاء إنجازات حقيقيّة يستحق لبنان من خلالها التباهي بنظامه العدلي الحديث.
لكنّ تلك الخطّة تتطلّب إرادة صلبة ومستمرّة، وتصميماً حقيقيّاً من جانب القادة السياسيّين والمراجع القضائية والمسؤولين الأمنيّين على حدّ سواء. كما أنها تتطلّب اعتماد منهجية عمل دقيقة، واحترافاً وتخصّصاً.
الدولة وعدت بالإصلاح، فهل تلبّي؟