محمد محسنشوارع من ورق، وطائرة من ورق. بنى تلامذة ثانوية الكوثر شوارعهم التي يسكنونها، كما تحلو في عيونهم. لم تكن عدّة البناء التي استخدموها إسمنتاً أو أحجاراً، بل كانت صحفاً قديمة وأوراقاً انتهت صلاحيتها، في محاولة منهم لإعادة تدوير النفايات الورقية بطريقة فنيّة. بدل أن يُرمى الورق، استفاد منه التلامذة في إفراغ مواهبهم على مستويات التجسيم والتلوين. تسكن الغالبية من تلامذة المدرسة في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، لذلك، لم يكن مستغرباً أن تكون أسماء الشوارع الورقية ومحتوياتها، مستوحاة من أجواء الضاحية. مجموعة منهم بنت شارع «عبد النور» وأدخلت عليه ناطحات السحاب العالية. أمّا في منطقتي الرويس والرادوف، فشاء الطلاب أن يبنوا أبراجاً تجارية ضخمة، لا تتّسع لها أرض الواقع. منطقة المريجة عادت إلى سابق عهدها قبل سبعينيات القرن المنصرم. بناها طلاب الصف السادس ولوّنوها بالأخضر، زارعين قربها بعض الأشجار الخضراء. حي السلّم حضر أيضاً. شهرته كموقف للفانات كانت طاغية، إذ بنى التلامذة باصين كبيرين، الأوّل للنقل العام، فيما الباص الثاني مدرسيّ. المدينة لم تتغيّر. عربات ورقية سميكة لـ«الخضرجيي» وبائعي السمك، قربها عمودا إنارة، لا يضيئان دائماً بسبب... تقنين الكهرباء. وبين الشوارع أعمدة لإعلانات صديقة للبيئة كُتب على أحدها بالإنكليزية “save energy”. إلى جانب معرض إعادة التدوير، نظّمت المدرسة كذلك، في طبقتها السفلى، معرضاً للرسم استعادت فيه رسوم التلامذة أعمال الرسام الإسباني بابلو بيكاسو.