أربعة مشاريع قوانين يقدمها اليوم نواب في كتلة اللقاء الديموقراطي للهيئة العامة للمجلس النيابي، تسمح للفلسطيني، ضمن قيود، بالعمل، التملك والاستفادة من الضمان. بالمبدأ، معظم الكتل النيابية موافقة. ماذا عن أبناء المخيمات فصائل وشعباً؟
قاسم س. قاسم
«إيدي على قلبي»، يقول الطبيب الفلسطيني في مخيم شاتيلا د. مصطفى معاري. ويد الدكتور على قلبه لأنه يملك شقة في الطيونة «وبخاف فيق شي يوم ولاقيها طايرة مني». بالطبع، ما «ملكت أيمان» الطبيب ليست باسمه، بل مسجلة باسم «سيدة لبنانية كان يعرفها والدي»، كما يقول. وإن كان معاري يثق بالسيدة، لكنه ينتظر الدولة لتقرّ الحقوق الاجتماعية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين «لروح سجّل الشقة باسمي». الطبيب ليس وحيداً في معاناته. كثيرون مثله في المخيمات الفلسطينية، أسامة غزلان أحدهم. غزلان يملك هو الآخر شقة في منطقة وادي الزينة، وهي باسم صهره المجنّس حديثاً، لأنه من القرى السبع. «والدتي وشقيقي سجلوا شققهم باسمه»، يضيف: «صهرنا الزلمة، بس مالنا مش إلنا بالنهاية، تصور في بإسمو خمس شقق! افترض لا سمح الله شي نهار زعلنا معو شو بصير» يسأل؟ أما بالنسبة إلى معاري، فغير معنيّ كثيراً بإقرار حق العمل، لأنه ببساطة كما يقول ساخراً «لن تسمح نقابة الأطباء بدخول 700 طبيب فلسطيني من طائفة واحدة إلى النقابة، لأننا حينها سنحتسب على تيار المستقبل».
هكذا، سيقدم رئيس كتلة اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط اليوم، خلال الجلسة العامة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري سلسلة مشاريع قوانين «معجلة مكررة»، لتعديل القوانين التي تحرم الفلسطينيين في لبنان حقوقهم الاجتماعية. مشاريع القوانين أربعة تتعلق بتفاصيل الحياة الحاليّة للفلسطينيين ومستقبلهم، مثل «اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية (التملك)، وتعديل المادة 79 من قانون العمل اللبناني (حق التقاضي في قضايا خلافات العمل)، تعديل المادة 59 من قانون العمل (حق العمل)، وتعديل المادة 9 من قانون الضمان الاجتماعي (السماح للفلسطينيين بالاستفادة من الضمان)». هذه القوانين والمواد المطروحة كانت قد نوقشت مسبقاً مع الأحزاب اللبنانية التي شاركت في المؤتمر الذي عقده الحزب التقدمي الاشتراكي مطلع العام الحالي من أجل الحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين. حينها، وافق النواب المشاركون، أعضاء الكتل النيابية الكبرى، على إقرار هذه القوانين وتعديلها، وأوحت مشاركتهم الكثيفة وكلماتهم الإيجابية بحق اللاجئين الفلسطينيين بأنه لو تغير مكان عقد المؤتمر وأصبح تحت سقف المجلس النيابي لعاش الفلسطينيون من بعدها بـ«ثبات ونبات». هكذا، بالمبدأ أجمع معظم ممثلي الأمة على إعطاء الفلسطينيين حقوقهم الاجتماعية والإنسانية، وذلك «لتحسين صورة لبنان في المجتمع الدولي». بالمبدأ أيضاً جميع الكتل النيابية موافقة على إقرار هذه الحقوق وتعديلها بما يناسب الدستور اللبناني. وبالمبدأ أيضاً وأيضاً يجب أن يكون جميع الفلسطينيين في وطنهم الأم، وألا يكونوا لاجئين في دول الشتات. لكن واقعيّاً كل هذه النيات المعرب عنها، قد لا يعوّل عليها، فإن لم يكن الفلسطينيون قد «ماتوا» أفلم يروا من مات؟ فعلى سبيل المثال لا الحصر وعد النواب بالموافقة على مشروع قانون خفض سن الاقتراع الذي وافق عليه وزراء حكومة الوحدة الوطنية، لكن القانون لم يمرّ في المجلس. هكذا، سيخضع اليوم النواب اللبنانيون للامتحان، فإما أن يكرّم كلامهم بحق الفلسطينيين، وخصوصاً أنه في الفترة الأخيرة ازدادت شحنة التعاطف معهم، أو يهان فيسقط التعديل. إذ ستقدم هذه القوانين الموقعة من النواب: إيلي عون، علاء الدين ترو، ووليد جنبلاط على التصويت، فإما تُقَرّ وتُسَنّ وتنشر في الجريدة الرسمية، أو تموت في أدراج اللجان النيابية، كما جرت العادة.
وفي المناسبة، معظم الفلسطينيين لن يتابعوا هذه الجلسة لأنه ببساطة «زهقنا من الحكي، منسمع بهادي الحقوق من زمان وما عم يتحقق شي منها»، يقول غزلان. المسؤولون الفلسطينيون كانوا في أجواء مشاريع القوانين المقدمة، إذ إن الأحاديث الدائرة بين متابعي هذا الملف كانت ترجح أنها ستقدم في الجلسة الأولى للهيئة العامة لمجلس النواب بعد الانتخابات البلدية. من جهته، يقول ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، عبد الله عبد الله، خلال اتصال مع «الأخبار» إنه في لقائه الأخير مع النائب جنبلاط «تحدثنا في هذا الموضوع، وحينما التقيت رئيس مجلس النواب نبيه بري كان حديثه إيجابياً عن الموضوع، وكذلك رئيس الوزراء الحريري كان إيجابياً بدوره، لكن تبقى الإجراءات المتّبعة داخل المجلس النيابي».
أما في ما يتعلق بموقف حركة «حماس» من الموضوع، فيقول رأفت مرة المسؤول السياسي للحركة إن «إقرار هذه الحقوق هو المدخل الأساسي لتصحيح العلاقات بين اللبنانيين والفلسطينيين؛ لأنه لم يعد هناك أي مبرر كي نعاني بحجة رفض التوطين؛ لأننا مللنا من هذه السيمفونية». أما كتلة الوفاء للمقاومة فيؤكد النائب علي فياض أنها مؤيدة لمثل هذه المشاريع، وهي تتابعها بكل اهتمام. وتقول مصادر مقرّبة من النائب جنبلاط إنه «سيجري التواصل مع الكتل النيابية الكبرى، كتلة الوفاء للمقاومة، التنمية والتحرير، والمستقبل، وخصوصاً أن الحريري قد أبدى إيجابية تجاه هذا الموضوع، وذلك لأن هذه الكتل تعلن دائماً عبر الإعلام تأييدها لفلسطين وقضيتها».
هكذا، ستطرح مشاريع القوانين اليوم على التصويت.
أغلب الكتل النيابية أبدت موافقتها المبدئية على إعطاء الفلسطيني حقوقه الإنسانية، ربما إذا جرت الموافقة اليوم على أحد هذه المشاريع، تكون الدولة اللبنانية قد طبّقت بنداً في بيانها الوزاري وخطاب القسم.


الملكية والتعويض

تقضي الاقتراحات القانونية الأربعة التي سيقدّمها نواب في كتلة اللقاء الديموقراطي بتعديل عدد من القوانين اللبنانية التي تحرم الفلسطينيين حقوقهم، فتطالب بتعديل الفقرة الثانية من المادة الأولى في قانون التملك لتصبح «يسمح للفلسطيني أن يتملك شقة سكنية واحدة، ولا تعتبر تعارضاً مع مبدأ رفض التوطين». الاقتراح الثاني إلغاء المعاملة بالمثل وإجازة العمل الصادرة عن وزارة العمل. الثالث معاملة الفلسطيني كاللبناني لجهة تعويض نهاية الخدمة والعناية الطبيّة عن الأضرار الناتجة من العمل. الرابع معاملة الفلسطيني كاللبناني لجهة حق التقاضي في قضايا خلافات العمل.