شابان وشابة وصلوا من سوريا إلى الحدود اللّبنانيّة. لا شيء استثنائياً في الموضوع إذا لم نعلم أنّ الثلاثة آتون من بولونيا، بلادهم، على متن دراجة هوائية في جولة عالمية
جوانا عازار
رافال كيتوسكي (35 عاماً)، بدأ في آذار 2009 جولته من بولونيا. أحضر عدة السفر التي كانت آلة الغيتار ودرّاجته الهوائيّة. «من عمر 6 سنوات كان شغفي الكبير لا بل حلمي هو أن أجوب العالم على متن درّاجتي، وها هو حلمي يتحقّق أخيراً» يقول مبتسماً لـ«الأخبار». لم يكن الشبان الثلاثة يعرف بعضهم بعضاً مسبقاً. ففي الطريق، تعرّف رافال على الشابة اديلا تاركوسكا (27 عاماً) التي انضمّت إليه، بعدما كانت قد بدأت في أيلول 2009 جولة حول العالم عن طريق الاوتوستوب «كان مشروعي يمتدّ على 4 سنوات، وقد بدأت فيه العام الماضي، وبينما كنت أتوجّه من اليونان الى صربيا التقيت برافال وأغرتني فكرة الدراجة الهوائيّة، فبدّلت مخطّطاتي، وها أنا أغنّي ورافال أيضاً يغنّي ويعزف على الغيتار ونجمع المال بهذه الطريقة». كبر الفريق بعدها، فبعد أديلا انضمّ الشاب كريستوف جوزفوسكي (27 عاماً) الى المجموعة، هو قليل الكلام كما يقول زملاؤه «يرافق المجموعة منذ أيّار 2010 ويبحث عن دور له بيننا» كما تقول الشابة.
الانطباع الأول لم يكن مشجّعاً فلسنا معتادين أن يفتشنا رجال أمن مسلحون
ويشرح شبّان «الترويكا» أن «لدينا متّسعاً من الوقت لرؤية البلدان ونحن على درّاجاتنا، نتحدث الى الناس، نتعرف إليهم عن كثب، نكسر الكليشيهات التي يسوّقها الإعلام كمثل: لا تزوروا لبنان وسوريا لأنكم ستتعرّضون للأذى! لا نريد أن نستمع الى الأخبار، نريد أن نرى بأعيننا». وعن طريقة تدبير أمورهم، تقول أديلا «ننقل معنا الحاجات الأساسيّة إضافة الى خيم ننصبها لننام فيها، وعدد من الآليّات واللوازم الضروريّة». ويشرح رافال سبل جمعهم المال بالقول «نحن موسيقيّو شارع، نعزف الموسيقى ونغنّي على مرأى من الجميع ونجمع المال بهذه الطريقة، نعرّف من يستمع إلينا على الموسيقى البولونيّة القديمة والجديدة بالدرجة الأولى، كما نعزف أغاني باللغات الانكليزية والفرنسيّة والاسبانيّة». وعن سبب اختيار الدراجة، يقولون «اخترنا الدرّاجة لأنها بالنسبة إلينا الوسيلة المناسبة للسفر، هي الأقرب الى الأرض، ونحن نركب درّاجاتنا نشمّ، نشعر بأثر الهواء على أجسامنا، نسمع الاصوات حتّى الخافتة منها، نشعر بأننّا قريبون من العالم، لدينا الوقت للتوقف والتحدّث الى من حولنا». يدوّن الشابان رافال وأديلا مشاهداتهما، وعدد الكيلومترات التي يجتازونها والوقت الذي تستغرقه، معاينتهم للمواقع الأثريّة والمعالم الطبيعيّة، الظروف الاجتماعية والسياسية للبلدان التي يمرّون بها، «قد يأتي يوم نطبع فيه كتاباتنا» يقولان بشغف.
وعن الصعوبات التي يواجهونها يقول الشابان إنّها قليلة، ويتحدّثان عن تجاوب وتعاطف كبيرين للناس الذين يتعرّفون إليهم خلال جولاتهم. أمّا المشكلة الأساسيّة فهي الحصول على تأشيرة «يصعب علينا الحصول على تأشيرات أحياناً، ففي تركيا مثلاً كانت مدّة التأشيرة لشهر واحد وفي سوريا كانت لـ15 يوماً فقط ما استدعى خروجنا منها والعودة إليها»، تقول أديلا.
وعن انطباع المجموعة عن لبنان، تقول أديلا «الانطباع الأول لم يكن مشجّعاً، لسنا معتادين أن يفتّشنا رجال أمن يحملون السلاح، وفي طرابلس حين غنّينا وعزفنا في الشارع، كان الحاضرون يشعرون بالحماسة، لكنّهم وصفوا تجربتنا بالغريبة عنهم، وواجهتنا صعوبة في إيجاد مكان ننام فيه في الليلة الأولى، إلّا أنّنا استقررنا في أحد بساتين الزيتون، وفي الليلة الثانية نمنا على شاطئ البحر». كان ذلك قبل أن يصل الثلاثة الى البترون، حيث كانت الشابة مارلين حكيّم بانتظارهم. وكانت مارلين قد تعرّفت على رافال وأديلا في إسطنبول في تركيا حيث كانت بدورها في رحلة من لبنان الى تركيا على الدرّاجة الناريّة.
ماذا بعد لبنان؟ تسألهم بشيء من الخبث، فيردون «نخطّط للعودة مبدئيّاً الى دمشق، ثمّ الأردن، مصر، السودان، إثيوبيا، كينيا، تنزانيا، موزامبيق، مدغشقر وبعدها جنوب أفريقيا، ولكن إذا لم نجمع المال الكافي، فسنعود الى قبرص لنجمع المال وبعدها نكمل طريقنا».