طرابلس ــ فريد بوفرنسيسلم تكد أعمال الرصيف المحاذي لمجرى نهر أبو علي، عند مدخل سوق الخضر في منطقة التبانة في طرابلس تشارف على نهايتها، حتى وجد فيها أصحاب البسطات مساحة كافية ليتموضعوا من جديد. فقد استغل هؤلاء فترة الانتخابات البلدية والاختيارية، وانشغال السلطة المحلية، فشرعوا في نصب خيمهم على الرصيف الجديد، بطريقة أكثر تطوراً من ذي قبل، بحيث إن البسطات أصبحت أكثر ثباتاً ومتانة ويصعب نزعها بسهولة. وقد استخدموا في ذلك ألواح الخشب والشوادر، وبدأوا بتأسيس ما يشبه سوق خضر جديداً خاصاً بهم، يعرضون فيه ما تيسّر من خضر وفاكهة وأصناف جديدة لم تكن موجودة في السابق مثل الشتول والنباتات والأزهار. وقد برر أصحاب البسطات فعلتهم بأنهم كانوا موجودين في المكان قبل إنشاء الرصيف. لكن، ما الذي حلّ بالشارع بعد التوسعة؟ أقلّ ما يمكن قوله إن أزمة السير تضاعفت في تلك المنطقة، وامتدت على طول الطريق الذي يعدّ مخرجاً أساسياً من طرابلس باتجاه قرى وبلدات قضاء زغرتا.
بالقرب من مستديرة نهر أبو علي، انقلبت الصورة التي كانت موجودة سابقاً. ازداد عدد البسطات بمعدل «بسطة كل يوم» أو حتى أكثر. وكل ذلك يحصل دون رقابة أو ضوابط. ويعيد المشهد الجديد للسوق العشوائي إحياء صورة الفوضى التي كانت سائدة من قبل، وما يرافقها من مشاكل كانت قد نشأت بين البلدية وأصحاب البسطات على خلفية التموضع العشوائي والتسبب بزحمة سير خانقة. ما هو جديد في شكل السوق ليس كذلك في رأي أصحاب البسطات. ويشير أبو مصطفى مراد، نقيب أصحاب البسطات في طرابلس إلى أن «هذه البسطات ليست حديثة العهد، إنما هي موجودة حتى قبل بدء أعمال الرصيف». ويضيف «البلدية السابقة على علم بذلك، وقد طلبت منا نزعها عن الرصيف مرحلياً، إلى أن يتم تأهيله فقط». وبما أن مشروع إعادة التأهيل يسير «ببطء شديد»، حسب قول مراد، فقد كان على أصحاب البسطات العودة إلى أرزاقهم. ويقول مراد إن «البسطات قد وضعت بشكل لائق ومنظّم، وتنزع بسهولة عند افتتاح المشروع، على أن توزع الأماكن على أصحاب البسطات في ما بعد فوق سقف النهر». وفي هذا الإطار، ينتظر أصحاب البسطات الوعد بالتوزيع، وهنا يقول بسام حمادة، عضو نقابة أصحاب البسطات، «إننا ننتظر من البلدية الجديدة أن تنصفنا بتوزيع الأماكن فوق سقف النهر، فعملية سقف النهر برمتها كانت من أجل تنظيم البسطات فوقه». ويضيف «لقد علمنا أن هناك حوالى 30 محلاً مخصّصاً للحرفيين فوق سقف النهر، وهو أمر غير مقبول ولا يتلاءم مع عمل البسطات، ولا يجب لهذا السبب أن نقتلع من تلك الأماكن».
عادت الأزمة إلى الواجهة. وثمة ما يجعل منها أزمة لا حل قريباً لها، وخصوصاً بعد انتشار البسطات بطريقة مدروسة توحي بالديمومة والاستمرارية. وأكثر من ذلك، فقد انتشرت على طول الرصيف الممتد من مستديرة أبو علي باتجاه منطقة التبانة في مدينة طرابلس، خيم كبيرة مغطاة بشوادر من البلاستيك، لا يبدو أنها ستنزع في القريب العاجل، ولو وزعت الأماكن فوق السقف.


مطالب أصحاب البسطات

قبل نحو شهر، قام أصحاب البسطات بتحرك فوق سقف النهر، للاعتراض على مشروع إعادة تأهيل سقف نهر أبو علي، وهو المشروع الذي يدخل في إطار مشروع أكبر هو الإرث الثقافي لمدينة طرابلس. ومن جملة ما طالب به هؤلاء، إضافة إلى مطلب توزيع الأماكن على أصحاب البسطات فوق السقف، هو «إقامة غطاء لكامل السوق للوقاية من حر الصيف وبرد الشتاء، وتحقيق الاستقلالية لكل بسطة وإقامة مواقف للسيارات وتسهيل حركة الزبائن». كما دعوا إلى «إنشاء سوق للبسطات في الموقع الذي يشغله السوق الشعبي المجاور للنهر وإعادة النظر في خطة السير، أي العمل على تحويل السير إلى الضفة الشرقية للنهر، وإلغائه على الضفة الغربية التي ستخصص للمشاة».