بنت جبيل ـ داني الأمينما الذي حلّ ببرك المياه في معظم القرى الجنوبية؟ لا يمكن أن يمر هذا السؤال مرور الكرام في أذهان زوار المناطق الجنوبية. فبعد التحرير في القرى الحدودية، بدأت بعض المعالم تتغير ومنها برك تجميع المياه التي عملت البلديات على «التفنن» بها. وقد كانت تلك البرك أول ما لفت أنظار المجالس البلدية المستجدة منذ التسعينيات، التي عمدت إلى استبدالها بالحدائق العامّة. رغم جمالية تلك الحدائق، إلا أنه على ما يبدو لم تأخذ المجالس البلدية بالاعتبار حاجة المزارعين في تلك المناطق لمياهها التي تتجمع في غالبيتها خلال أشهر الشتاء. كما أن البلدية لم تراع في بعض الأحيان حاجة المزارعين لمياه تلك البرك، ففي قرية تولين الصغيرة في قضاء مرجعيون، التي يشتهر أبناؤها بزراعة التبغ، عمدت البلدية في موسم جفافها إلى استبدالها بملعب رياضي. وقد وضعت على مدخلها لافتة تقول «ملعب تولين الرياضي». هكذا، بقدرة قادر، انقلبت البركة ملعباً. أما بركة بلدة شقرا، فقد نفذت من التحول، إذ عملت البلدية على ترميمها وتصغير حجمها، وإقامة حديقة صغيرة إلى جانبها. لكن، ما الذي حل ببركة الطيبة؟ استغل المجلس البلدي ركام حرب تموز، لردم البركة الكبيرة وسط البلدة، ومن ثم عمد بالتعاون مع إحدى الجمعيات المانحة لتحويلها إلى حديقة عامة. لكن، هذه المرة لم تواجه البلدية مصاعب في تحويلها إلى حديقة، ونالت موافقة الأهالي الذين كانوا يشكون من الروائح الكريهة لمياهها الآسنة. كما في الطيبة، كذلك في عيترون، ولكن هنا لا غنى لأبناء المنطقة من المزارعين عن بركة المياه، كونها المصدر الرئيسي لري مزروعاتهم. ومع ذلك، عمد المجلس البلدي، بعد حرب تموز، إلى ردمها بركام المنازل المهدّمة، وتحويل المكان إلى مقرّ للقصر البلدي الجديد، الذي تبرّعت بإنشائه المملكة العربية السعودية. وليس هذا فحسب، فقد أقامت البلدية في الساحة المحيطة بالبركة القديمة موقفاً للسيارات. مقابل كل هذه التغييرات التي لم تحظ برضى المزارعين، بنى المجلس البلدي بركة بديلة في مكان بعيد عن السكن، تعويضاً للمزارعين عن بركتهم القديمة. أما في بلدة رشاف، فقد ألغت البلدية البركة وأقامت مكانها موقفاً للسيارات. وفي حولا، حولت البلدية البركة الأقدم هناك إلى ملعب صغير لأطفال البلدة.
ملاعب رياضية وحدائق عامة ومواقف للسيارات. كل هذا يحصل في الجنوب، على حساب البرك التي يستنجد بها المزارعون لريّ مزروعاتهم، والتي لا بديل منها.