هاجمها في منزلها. طعنها مرّتين، لكنها تمكّنت من الفرار. هربت من المنزل، فطاردها بسيّارته وصدمها. سقطت أرضاً، فترجّل وانهال عليها طعناً حتى ماتت. جلس بقربها إلى حين وصول الشرطة. إنه زوج لبناني قتل والدة أطفاله في الولايات المتحدة، ويحتضن تراب لبنان جسدها اليوم
رضوان مرتضى
احتلّ خبر طعن مغترب لبناني لزوجته حتى الموت مساحات واسعة على صفحات الصحف الأميركية. أما في لبنان، فقلّة هم الذين عرفوا بالجريمة. حتى إن أهل الضحية علموا بمقتل ابنتهم من أحد أصدقائها، لأن «السفارة اللبنانية كانت غائبة عن السمع»، على حدّ قول أحد أفراد العائلة.
وقعت الجريمة قبل نحو أسبوعين، لكنّ جثّة إيمان قانصوه وصلت إلى مطار بيروت مساء أمس، ويتوقّع أن توارى في الثرى ظهر اليوم في بلدتها إرزاي ـــــ قضاء صيدا. تفاصيل الجريمة يرويها أهالي الضحية نقلاً عمّا جرى تداوله في الصحف الأميركية. يقولون إن سمير و. (39 عاماً) قتل زوجته إيمان (33 عاماً) بتسع طعنات اخترقت جسدها في شارع تشينو هيلز في ولاية كاليفورنيا، لأسباب لا تزال مجهولة.
ينقل أحد أفراد عائلة الضحية أن الزوج سمير دخل إلى منزل إيمان بمفتاح كان في حوزته، رغم قرار المحكمة القاضي بمنعه من الاقتراب منها. كان أولادهما في المدرسة. حاول قتلها في الداخل، لكنها استطاعت الإفلات منه. هربت إلى الشارع فطاردها بسيارته. طرقت باب أحد جيرانها لكن لم يفتح لها أحد. حاولت اللجوء إلى منزل الجار الآخر، لكن دون جدوى أيضاً. وعندما أرادت المحاولة مجدداً، كان الزوج قد اقترب منها وصدمها بسيارته. لم يكتف بذلك، بل ترجّل من سيارته ليُجهز عليها. جلس على صدرها وطعنها نحو سبع طعنات أخرى. في هذه الأثناء، خرج رجل من المنزل، (وهو يعمل دهّاناً) ليشاهد اللحظات الأخيرة من الجريمة. كان سمير يصرخ وهو يطعن زوجته قائلاً: «هذا ما ستحصلين عليه بسبب أخذك إياي إلى المحكمة وأخذ أموالي». توقفت الزوجة عن الحركة، تأكّد سمير أنها توفّيت، فجلس قربها يبكي وينتحب قائلاً: «هذا ما حصلت عليه بزواجي منك». اتّصل الشاهد بالشرطة، فحضر رجالها بعد دقائق معدودة. كان سمير لا يزال جالساً قرب الجثّة، فاعتُقل، حيث لم يُبد أيّ مقاومة. اقتيد الزوج إلى مركز التوقيف في وست فالي.
يقول والدها وعيناه دامعتان: أرسلت له عروساً فأعادها إلي جثّة
«أرسلت له عروساً فأعادها إلي جثّة»، يقول والد أيمان، أبو أحمد قانصوه. يتحدث وعيناه الدامعتان تنظران إلى صورة الابنة المرفوعة في غرفة الجلوس. مرّ أسبوعان على الجريمة، لكنّ أهل الضحية لا يزالون يعيشون حالة من الصدمة. «لقد كانت تتحدّث إلى شقيقتها قبل نصف ساعة من وقوع الجريمة»، يقول شقيقها أحمد، ويضيف «كانت محتارة في أيّ فندق ستنزل عند قدومها لزيارة أهلها». يذكر أحمد أن إيمان كانت قد قررت أن تحضر إلى لبنان في التاسع من الشهر الحالي (أي اليوم)، يصمت قليلاً ليضيف: «لم تؤجّل قدومها، حضرت قبل الموعد المقرر»، إذ وصلت جثتها مساء أمس إلى مطار بيروت.
والدة الضحية كانت في زيارة لابنتها قبل نحو شهر، علماً بأن زيارة إيمان الأخيرة للبنان كانت عام 2005. وفي هذا الإطار، تقول أم أحمد: «كان سمير يهدّد إيمان بأنه سيكسر رأسها»، مشيرة إلى أنه تشاجر معها أكثر من مرّة عندما كانت في ضيافتها. وتلفت الوالدة إلى أن هناك خلافات بين ابنتها وعائلة الزوج كانت أحد أسباب الطلاق.
تزوّجت الضحية إيمان من اللبناني سمير و. المغترب والمقيم في الولايات المتّحدة عام 1995. انتقلت لتقيم معه قبل أن ترزق بثلاثة أطفال منه. بدأت الخلافات تدبّ بينهما كما يحصل بين أيّ زوجين، لكنّ الأمور لم تنته عند هذا الحد. لقد غادر الزوج منزله منذ ستة أشهر. رفعت إيمان دعوى طلاق بحق زوجها، فحكمت لها المحكمة بذلك. وقّع سمير على معاملات الطلاق في 21 الشهر الماضي، وتقرر موعد إعلان الحكم في 24 منه. لم يحضر سمير لأن محاميته أخبرته بأن المحكمة حكمت للزوجة بنصف أملاكه، أي ما يعادل أربعة ملايين دولار، فضلاً عن مبلغ 13000 دولار بدل نفقة شهرية لأولاده. وفي هذا الإطار، يقول أهل الضحية: «لم يحتمل الزوج خسارة ماله، فخطّط لقتل زوجته».
أما فيما يتعلّق بخبر الجريمة ودوافعها، كما تداولتها الصحف الأميركية، فقد ذكرت صحيفة لوس أنجلس تايمز عن شرطي قوله: «طارد رجل يحمل سكيناً زوجته في الشارع، ومن ثم طعنها حتى الموت. وأشار الشرطي إلى أن الزوج اعتُقل قرب الجثّة. كذلك نقلت الصحيفة عن شاهد عيان أن الهجوم بدأ داخل منزل الزوجين، بعدما وصل سمير، الذي لم يكن يعيش في المنزل أخيراً، وبدأ بطعن زوجته. وذكرت الصحيفة نفسها أن الزوجين مهاجران لبنانيّان، لافتة إلى أن المتهم يملك شركة بناء في الولايات المتّحدة. أما صحيفة «كونترا كوستا تايمز»، فأشارت إلى أن الزوج كان غاضباً بسبب تكاليف النفقة بعد معاملات الطلاق، ولفتت الصحيفة إلى أن الزوج ادّعى أمام محكمة تشينو العليا، يوم الخميس، أنه غير مذنب في اتّهامات القتل. وفي ما يتعلّق بمصير الأطفال الثلاثة، فقد ذكرت الصحف أنهم وُضعوا في مركز لحماية الأطفال.