ردّ تيار المستقبل على هزيمته الانتخابية في بلديات البقاع الغربي بالفوز برئاسة اتحاد بلديات السهل. فوز تردّه أوساط المعارضة المحلية إلى «خيانة» أحد وجوهها لها الذي غاب عن السمع عشية الانتخابات بعدما عقد اتفاقاً «تحت الطاولة» مع تيار المستقبل وتالياً القوات اللبنانية
البقاع الغربي ــ عفيف دياب
تعرّضت المعارضة السابقة في البقاع الغربي لضربة سياسية موجعة بعد اكتشاف «خيانة» داخل صفوفها سببت خسارتها لرئاسة اتحاد بلديات السهل التي جرت انتخاباتها أمس في سرايا جب جنين الحكومية. وكانت النتيجة فوز مرشح تيار المستقبل، رئيس بلدية غزة محمد المجذوب، بالرئاسة بعدما سحبت المعارضة المرشح الذي كانت تدعمه، رئيس بلدية كامد اللوز حيدر الحاج، منتصف ليل أول من أمس. وتأتي هذه التطورات على خلفية اكتشاف المعارضة خيانة في صفوفها، إذ عمد أحد وجوهها (تحفّظ الجميع عن ذكر اسمه) إلى الاتفاق المسبق مع تيار المستقبل منذ فترة ليست بالقصيرة لتحقيق هذا الانقلاب.
هذه «النكسة» لم تعطِ تيار المستقبل تزكية في العملية الانتخابية كما كان يتمنى، ذلك أنه بعد قرار انسحاب الحاج، ترشح رئيس بلدية الخيارة قاسم مظلوم بوجه المجذوب. وفيما نال الأول 3 أصوات، هي صوته وصوتا كامد اللوز وحوش الحريمة، نال المجذوب 7 أصوات، من ضمنها 3 أصوات كانت محسوبة للمعارضة قبل انقلاب الموازين ليل أول من أمس واكتشاف اتفاق أحد وجوهها مع «المستقبل»، وتالياً القوات اللبنانية. هذا الوجه المعارض هو الذي كان يتولى، وفق توزيع الأدوار داخل أجنحة المعارضة، مهمة تنظيم اقتراع رؤساء البلديات المسيحية في اتحاد «السهل» لمصلحة المرشح المستقل سياسياً حيدر الحاج، فيما تولى جناح «المعارضة السُّنية» التنسيق مع رؤساء البلديات السُّنية التي ظهرت نتائجها خلال العملية الانتخابية لرئاسة الاتحاد واضحة، إذ كانت تحتسب 3 أصوات سُنية وأخرى مماثلة مسيحية من حصتها قبل الانقلاب الكبير منتصف ليل أول من أمس.
كانت مهمة الوجه المعارض تنظيم اقتراع رؤساء البلديات المسيحية
ويقول متابعون لمجريات مسار «معركة» اتحاد بلديات السهل في البقاع الغربي (11 بلدية)، إن «المعارضة المحلية»، منذ انتهاء الانتخابات البلدية في المنطقة، بدأت الإعداد لخوض معركة رئاسة الاتحاد، وهي عقدت للغاية سلسلة من الاجتماعات التنسيقية في البقاع الغربي وشتورة وبيروت، اتُّفق خلالها على توزيع المهمات والأدوار لقطع الطريق على تيار المستقبل، الذي أطلق أوسع حملة منظمة بدقة للردّ على هزيمته الانتخابية في البلديات. وقد نجح التيار في تحقيق مبدأ «فرّق تسد» داخل صفوف المعارضة من خلال لقاءات جمعت قادة من «المستقبل» مع قادة من المعارضة السابقة، تحت عناوين مختلفة اتضح لاحقاً أنها كانت محصورة بشكل التعاون السري في انتخابات اتحاد بلديات السهل ومضمونه، لا بما كان يحكى عنه إعلامياً، من أن هذه اللقاءات كانت بهدف الحدّ من بعض التوترات المذهبية في بعض قرى البقاع الغربي.
يضيف المتابعون أن قادة في «المعارضة السابقة» تلقوا تحذيرات من أصدقاء بوجوب التنبه من «قطبة مخفية» حيكت داخل ثوبها باحتراف، وأن تيار المستقبل قد خرق صفوفها، وتسلّلت كذلك القوات اللبنانية ورفعت سقف اتصالاتها مع بعض رؤساء البلديات، ما يذكرنا بتسللها السياسي في انتخابات نيابة زحلة. ويكشف المتابعون لمسار الإعداد لرئاسة اتحاد «السهل» أن المعارضة السابقة تابعت هذا التحذير من الأصدقاء و«حين سألنا المعنيين به تلقينا جواباً نافياً وتشديداً على أن معركة رئاسة الاتحاد محسومة للمعارضة، والرئاسة في الجيب واطمئنوا، وأن لا صحة لما يُقال عن توجه رؤساء البلديات المسيحية للاقتراع لمرشح المستقبل. وأُبلغنا أيضاً من المعني بأنه لا داعي للقلق أو الخوف، فالأمر محسوم وهؤلاء الرؤساء في صفنا، ولا موقع للقوات اللبنانية كما يحكى ولا يمكنها أن تؤثر».
هذه «الخديعة» كما يسميها أحد المتابعين في «المعارضة السُّنية المحلية» في البقاع الغربي اكتشفت في وقت متأخر، «قبل منتصف ليل الاثنين ـــــ الثلاثاء بلحظات، إذ سبق السيف العذل، ولم نعد نستطيع فعل أي شيء، ولا سيما أن من كان يعدنا بالأصوات المسيحية ويطمئننا، أقفل خطه الهاتفي وغاب عن السمع، وبالتالي شلّت حركة (الوزير السابق) عبد الرحيم مراد والعماد ميشال عون والنائب أسعد حردان ومحمد القرعاوي تماماً، فكان قرار رئيس بلدية كامد اللوز حيدر الحاج الانسحاب من معركة رئاسة الاتحاد بعدما كان قد رفض كلّ المغريات والعروض التي قدمها له تيار المستقبل عبر نادر الحريري والنائب جمال الجراح، مصرّاً على الترشح لرئاسة الاتحاد ضد مرشح التيار، لسنوات ست بدل ثلاث».
ما جرى في البقاع الغربي يطرح السؤال عمّا حصل في انتخابات بلدية زحلة
ويسأل هذا المتابع: «لماذا لم يقل لنا الصديق الذي كان يتولى التنسيق مع الجانب المسيحي وجهة نظره بعد؟ ولماذا غادر المنطقة وعقد لقاءات مع تيار المستقبل من دون إبلاغنا، وعلمنا بها من الصحف؟». يتابع: «نعترف بأننا خسرنا معركة رئاسة اتحاد بلديات السهل نتيجة خلل في صفوفنا، ونبارك لتيار المستقبل «شطارته» في إدارة المعركة وعقد اتفاق تحت الطاولة مع أحدنا، إلا أن ما جرى في البقاع الغربي يفتح الباب واسعاً لنسأل عمّا حصل في انتخابات بلدية زحلة وكيف فُكّ التحالف بين التيار الوطني الحر وتيار الكتلة الشعبية برئاسة الصديق الياس سكاف، ومن يقف وراءه أو حرّض عليه».
غضب المعارضة السابقة في البقاع الغربي على أحد وجوهها، واتهامه اتهاماً غير رسمي بعقد اتفاق غير معلن مع المستقبل، وتالياًَ مع القوات اللبنانية و«سنحكي كلّ شيء فى وقته»، يقول عنه أحد الذين تولوا المتابعة الميدانية لـ«الأخبار»، بعدما رفض الغوص في تفاصيل ما جرى: «لا أريد أن أحكي الآن قبل الاستماع إلى وجهة نظر صديقنا. لا أعتقد أنه عقد اتفاقاً تحت الطاولة مع تيار المستقبل، وإذا كان ذلك صحيحاً فهذا شأنه وله الحق في اختيار الموقع السياسي الذي يريده، مع القوات اللبنانية أو مع تيار المستقبل». يتابع: «نحن اخترنا رئيس بلدية كامد اللوز، حيدر الحاج، مرشحاً مدعوماً منا، رغم أننا نعرف أنه ليس محسوباً علينا سياسياً وأنه مستقل، لمواصفات إنمائية ولموقع بلدته التي كان أهلها يطلبون منا إسناد رئاسة الاتحاد لها بعدما حرمها تيار المستقبل أي موقع». ويكشف أن «الصديق الذي كان يتولى التواصل مع الجانب المسيحي ليس وحده المسؤول عما جرى، بل كان عاملاً مساعداً، يضاف إلى عمل القوات اللبنانية والضغط السلطوي من أجهزة أمنية وغيرها على رؤساء بلديات، ترهيباً وترغيباً، وهذا ما يهدّد العيش المشترك في المنطقة. ويضاف إلى هذه العوامل مجتمعة، دور رؤساء البلديات الوسطيين الذين تعرّضوا لضغوط هائلة أيضاً وتهديدات بحلّ مجالسهم البلدية.
كذلك يجب ألّا ننسى دور المال في انتخابات الاتحاد، حيث كان لوقع رنين الذهب تأثير واضح على البعض، ونملك ما يثبت ذلك».


فخ في اتحاد البحيرة؟

نكسة المعارضة في انتخابات رئاسة اتحاد بلديات السهل وفوز المستقبل وبروز القوات اللبنانية، فتحت الباب أمام انتخابات رئاسة اتحاد بلديات البحيرة التي ستجري قبل نهاية الأسبوع الجاري. وقد بدأت المعارضة المحلية تشعر بوجود «قطبة مخفية» تعمل القوات عليها مع تيار المستقبل. ويوضح متابعون أن النائب جمال الجراح أبلغ نادر الحريري بأهمية الاتصال بالرئيس نبيه بري للتنسيق في انتخابات اتحاد البحيرة، والمساعدة قدر الإمكان على إسقاط مرشح المعارضة السُّنية خالد شرانق، و«إن كنا مطمئنين إلى موقف الرئيس بري، فإن القلق من تزايد دور القوات وضرب صيغة التفاهم في قرى البقاع الغربي وبلداته يستدعي التنبه كي لا نقع في فخ خديعة ثانية، وخصوصاً أنه سيكون للأولى تداعيات سياسية كبيرة على جسم المعارضة المحلية».