ملاك وليد خالدمضحكٌ مبك كل هذا «الفولكلور» الكلامي والخطابي للتضامن مع غزة. لبنانيون إلى الرملة البيضاء لممارسة اليوغا لإرسال ذبذبات إيجابية للمتضامنين مع غزة (لا مع أهل غزة أنفسهم بحسب الخبر الذي أوردته وكالات الأنباء). سفن كسر حصار «إعلامية» تنطلق منفردة من بيروت، بعدما بدا مؤكداً أن إسرائيل لن «تضرب كفاً» لأي كان بعد مجزرة مرمرة التركية. تهليل لعودة السلطان التركي إلى صوابه (ويتناسون تاريخ المصالح التي لم تنفصم عراها لليوم بعد مع الكيان الصهيوني). البطولات الإعلامية تملأ الشاشات وتشعرنا بأننا أدّينا واجبنا، ويمكن أن نسكت تأنيب الضمير تجاه غزة وأهل فلسطين. «استسهال كلامي» مستفزّ فعلاً. ولكن، ما الجديد حقاً؟ أليس هذا هو الخط البياني لنضالات «الهوبرجية»؟
طبعاً، ليس هناك شك في أن البعض يعنون فعلاً ما يفعلون ويقولون. «الشمس طالعة والناس قاشعة» الجميع يعرف طريق فلسطين ويتعرّف إلى مريدي حرّيتها. ولكن البازارات الرخيصة التي يحترفها بعض اللبنانيين غريبة فعلاً: الآن، غزة محاصرة؟ والله خبر جديد! وأين كنتم وغزة تُذبح يومياً؟ لماذا لم يكن من فقرة يومية في أية وسيلة إعلامية تتحدث عن شهداء غزة ومصائب غزة، لتوعية الناس وخلق حالة تضامن إنسانية حقيقة. لكن، الدم التركي كان له وقعه. في غزة محاصرون؟ طيب، إنهم محاصرون في لبنان أيضاً! في مخيمات القهر! ويُنظر إليهم نظرة دونية تحاول تقزيمهم من شعب ثورة قامت لتحقيق المستحيل إلى شعب يجاهد لتأمين لقمة عيش تشبع جوع أهل لحمه ودمه.

المطلوب الضغط باتجاه محو المبادرة العربية التي أُعلنت من بيروت

المطلوب ليس سفناً يعرف من عليها أنهم ذاهبون إلى أسدود، ليعودوا رافعين شارات النصر ويقصّوا علينا حكايات بطولاتهم في مقارعة الاحتلال وجنوده. المطلوب الضغط باتجاه محو المبادرة العربية المقرفة التي أُعلنت من بيروت. المطلوب أن نقول «لا» كبيرة وعالية لدولة عربيّة تستقبل بن إليعازر يوم مجزرة السفينة ولا تطرده شر طردة من أراضيها، ثم تعرض تغطية تكاليف الأسطول البحري المقبل لفك حصار غزة! المطلوب أن يُعمل على التدخل لوضع تصوّر لحل سياسي يؤدي إلى رفع الحصار عن قضية فلسطين كلها، ربما بإرغام فتح وحماس على اختراع نفق ما للخروج من كل هذه الدوامة، التي تمتص روح غزة وأهل غزة وروح فلسطين كلها ولا مستفيد منها سوى الاحتلال. رفع الحصار عن غزة مطلب حق، هذا لا جدال فيها، والأجانب المتضامنون مشكورون في أية حال. السؤال الحقيقي: هل هم على وشك أن يفعلوها حقاً؟ أن ينزعوا الحصار؟ هناك أمل، فقد انتزعوا (مجدداً) عن إسرائيل وجيشها كذبة «الأخلاقية» التي لطالما غشّت بها تل أبيب بعض الغرب وحكوماته.
أما نحن، عرباً وفلسطينيين، فالأجدى بنا أن نعيد النظر في ما نفعله لفلسطين كل يوم. ماذا يفعل صمتنا وتواطؤنا وشراؤنا بضائع تدعم الكيان المحتل ليل نهار؟ هناك طرق للنضال دائماً. تشهد على ذلك مواقع الإنترنت التي تضج بصور قادة الكيان يمنحون فلاناً تنويهاً، وآخر جائزة من مدراء هذه الشركات الكبرى الداعمة لآلة الموت الإسرائيلية. الأجدى أن نقرر فعلاً ما هي فلسطين بالنسبة لنا وكيف السبل إلى حريتها لو كنا نريد لها ذلك فعلاً بدلاً من اللهو بالمزايدات على حساب الأفعال.