أمس، خاض 59727 طالباً، في مختلف المناطق اللبنانية، اليوم الأول من امتحانات الشهادة المتوسطة (بروفيه). وبينما أجمع معظمهم على سهولة أسئلة الجغرافيا، اختلفت الآراء قليلاً بخصوص الرياضيات. أما الأهل، فـ«صبحيتهم» أمام البوابات كانت فرصة لمناقشة قضية الوحدة الوطنية
رنا حايك
أمام بوابات مراكز الامتحانات الرسمية، يستعيد أهالي الممتحنين، رغم توتّرهم في انتظار خروج أبنائهم، فصولاً محببة من سنوات دراستهم. يتقمّصون شخصيات الأبناء بشكل ما، يفلفشون أول ورقة امتحان تصل إلى أياديهم ويقوّمون الأسئلة. «مهمات حاكم مصرف لبنان، ما سمّعتيله اياه؟»، تسأل إحدى الوالدات أخرى تستظلّ بشجرة، وبيدها نربيش «أرجيلة» تقتل الوقت بتدخينها. «الأرجيلة هاي معي دايماً بالسيارة، اشتريت شوية فحم لإنّو قصتنا مطولة هون»، تقول ميّ المر، قبل أن تثني على والدة أخرى أصرّت على إعطاء اسمها كاملاً (منى شريّم عيتاني) للصحافة، للتأكيد على «الوحدة الوطنية»، كما تقول.
«حرام، هلكوا الولاد هالسنة»، تقول ناريمان زيعور في إشارة إلى تقريب مواعيد الامتحانات. فامتحانات الشهادة المتوسطة تكون عادة في تموز، لا في أوائل حزيران، ما مثّل ضغطاً على الطلاب ومعلميهم لإتمام المنهج على الوقت. بعض المدارس علّلت تقريب الموعد بـ«المونديال»، بعضها بالانتخابات البلدية. «لازم تكون الأسئلة سهلة لإنن قرّبولن الموعد»، تقول الوالدة لينا حرب. وفعلاً، كانت الأخبار عن سهولة الامتحانات قد بدأت تتسرّب. أمام مدرسة رمل الظريف، خرجت إحدى المراقبات مطمئنة الأهل: «ما تهملوا هَم، الأسئلة كتير سهلة». فالتوتر، كالعادة، لم يكن حكراً على الطلاب الذين «كربجوا الصبح يا دلّي قد ما فيه أمن وتدابير أمنية لما وصلت الأسئلة. بعد ناقص يوجهوا دبابة عالمدرسة»، كما تقول إحدى الوالدات. شوفير التاكسي خفّف أمام البوابة سائلاً الأهالي عن «آخر الأخبار جوّا؟»، بينما كان هؤلاء يشتكون من تصميم ملعب مدرسة رمل الظريف، فـ«الحيط عالي والبوابة صغيرة. لما ضهر بعض الطلاب خلال الاستراحة، ما كتير قدرنا نفهم منن كيف عملوا»، تقول إحدى الوالدات. أخيراً، بدأ الطلاب يخرجون. تلقّفهم الأهالي بوابل من الأسئلة: «كيف كان؟ المراقبة كيف؟ شفتلي بنتي؟». آلاء أقرّت بسهولة الجغرافيا، أما الرياضيات فـ«منيح، بس فيه سؤالين صعبين». علا كانت «أكتر شي خايفة من الرياضيات، الحمد الله قطع عخير»، لكن في المجمل «الامتحانان سهلان، اللي دارس منيح بيقدر يحلّ». هناك أيضاً عامل آخر غير الدرس يناقشه الأهل في الخارج، مستوى المدرسة، فـ«بنتي نبّهوها ما تقول إنها بمدرسة الـ«charite» تما يصيروا زملاءها بدّن يغشّوا عنها». محمد ووسيم، من مدرسة راس النبع، وجدا الأسئلة سهلة أيضاً. سارة، من مدرسة القديس يوسف، وجدت الأسئلة «سهلين ما عدا آخر سؤال بالرياضيات، كان صعب شوي». تلك الصعوبة كانت السبب في خروج هالة، من مدرسة المنارة، وهي مكفهرّة، قبل أن تجهش بالبكاء في أحضان والدتها «الرياضيات كان كتير صعب، أنجق قدرت حلّ كام سؤال».
في إحدى الزوايا، كان محمد عثمان، أستاذ مادة الرياضيات في مدرسة الحكمة، يعاين نموذجاً من ورقة الامتحان، ويربّت على كتف «أبنائه» من الطلاب كما يدعوهم، مطمئناً إليهم. «الحقيقة أن الامتحان غير صعب، فكل المسائل المطروحة هي من ضمن المنهج، عادية ومتوقّعة، لكن قد ما يكون الامتحان طويل قليلاً، يحتاج حلّه ربما إلى المزيد من الوقت المخصّص له».
بالنسبة إلى طلاب المتوسطة، «عدّى النهار» يوم أمس، و«باقي من الزمن» ثلاثة أيام، لعلّها تمرّ على خير أيضاً.


كلاكيت: نجوم الموسم

«Felicitations, merci, merci» تقول الوالدة بعد أن تحتضن ابنتها وهي خارجة من بوابة أحد مراكز امتحان الشهادة المتوسطة. تتلفّت يمنة ويسرة وهي تتلو كلمات الشكر لجمهور وهمي تسقطه، في لحظة حماسة مستعرة، على الأهالي المتحلقين بانتظار خروج أبنائهم، مثلها تماماً. أما الطلاب، فبعضهم يخرج مبتسماً ويبادر بإعطاء التصاريح قبل أن يُسأَل، بينما يخرج البعض الآخر مسرعاً، رافضاً التحدث مع أحد وشاقّاً طريقه بخطوات رشيقة بين الأهالي المتحلّقين، كأنه نجم شهير وهم صحافيون ومصوّرون «بابارازي» يلاحقونه. في الامتحانات الرسمية، يكتسب الطالب نجومية. فهو الحدث، وكذلك أهله.