لن أترشح لرئاسة البلدية• الصفدي وضع فيتو عليّ
• الخرق حققه أهالي الميناء، لا أنا

اخترق رئيس بلدية الميناء السابق عبد القادر علم الدين وزميله ميشال فلاح لائحة وحدة الميناء التي تحظى بدعم عريض من القوى السياسية (تيار المستقبل، الرئيسان عمر كرامي ونجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي وآخرون)، ما مثّل إنجازاً لافتاً لرجل حقق الكثير من الإنجازات في مدينته

أجراها عبد الكافي الصمد
اخترقتم مع شريككم ميشال فلاح لائحة تحالف سياسي واسع، كيف حصل هذا؟
- تاريخي وتاريخ ميشال فلاح هو التعايش في الميناء، وكذلك كلّ من كانوا معنا على اللائحة يحملون الصفات نفسها. اخترقنا لأننا قدمنا إجابة عن سؤال كيف تريد الميناء أن تعيش، وأظهرنا كيف خدمنا المدينة في الحرب وفي السلم. أهل الميناء أوفياء وحافظوا على التوازن في التمثيل والتعايش. لكنّ البارز أنه على الرغم من التكتل السياسي الكبير ضدنا، المحلي والإقليمي والدولي كما وصفته، وهجومهم علينا كأنهم سيحررون فلسطين، استطعنا أن نحقق الخرق الذي لم أقم أنا به، بل أهل الميناء الذين انتفضوا لكرامتهم ولحريتهم ولتفكيرهم. لقد خضنا معركة سياسية مئة في المئة مع القوى السياسية في لبنان. هناك من أتى من صيدا، وآخرون جاؤوا من بيروت وحتى من سويسرا، وتوزّعوا في الميناء وضخّوا فيها أموالاً لا يعلمها إلا الله.

هل كنت تتوقع النجاح؟
- أبداً، لم أفكر في أن أنجح، لكن أهل الميناء أصروا على أن نكون رقماً صعباً في البلدية الحالية مع ميشال، ومع الأحرار الذين هم زملاء لنا في المجلس الحالي الذي يوجد فيه تنوّع، ونحن وهم سنكمل مسيرة خدمة المدينة.

كيف يمكن، سياسياً، تفسير خرق ما سمّي «لائحة المحادل» بعضوين، هل هي هزيمة للائحة التوافق ومن يدعمها؟
- طبعاً هي هزيمة ودرس لهم، كي يتعلموا مستقبلاً كيف يدخلون إلى الميناء. هذا أمر لا يكون عبر «المصاري»، أهل الميناء أكبر من «المصاري» وكرامتهم عزيزة عليهم، لذلك يستحيل أن يستطيعوا لاحقاً الدخول إلى الميناء بالطريقة التي كانوا يدخلونها سابقاً. نحن خلقنا حالة جديدة في المدينة أساسها أنه لا يتاح لكلّ من يأتي بأموال من السعودية أو أميركا أو غيرها من الدول أن يدخل إلىنا. هذا الأمر لم يعد وارداً. ما أتحدث به ترجم على الأرض، فعندما أقاوم 1500 مندوب دُفعت لهم الأموال، وأنا عندي 100 مندوب متبرّع فقط، فهذا يعني أنهم مفلسون. نحن حصلنا على 3700 صوت مواطن اندفعوا نحونا وتبرّعوا للعمل معنا، ونزلوا للتعبير عن رأي أهل الميناء الحر.

أمضيت 33 سنة في البلدية، ونسجت علاقة جيدة مع أغلب السياسيين، لماذا حاربوك إذاً؟
- هذا السؤال طرح عليّ مراراً. الحقيقة أني لا أزال على علاقة جيدة مع القوى السياسية، لكنني رفضت أن يأتوا للتدخل في شؤوننا. السياسي عمله أن يشرّع في مجلس النواب، ويُنجز المشاريع والخدمات للناس من طريق الدولة. هكذا أفهم دور النائب، لا أن يكون دوره تعيين مجلس بلدي أو مختار، هذه ليست شغلته. اتفقوا كي يفرضوا قرارهم بالهيمنة، لكن أهل الميناء رفضوا هذه الطريقة في التسلط على المدينة، وعبّروا عن رأيهم بوضوح في الانتخابات.

بعض الأقطاب السياسيين في طرابلس عبّروا عن رأيهم في أن عبد القادر علم الدين جيّد، وقد دعوا إلى بقائك في منصبه، من حاول خلعك؟
- أنا أعرف هذا الشيء. هناك نواب تعاطفوا معنا، لكن هناك أطراف آخرون فرضوا التحالف لتغييري، وكان هناك فيتو عليّ من أحدهم. قال لهم: إذا تمسكتم به فسأفرط التحالف كله. فرأوا عدم فرط التحالف ومشوا معه، لكن ما فعلوه كان خطأً. لأنه، برأيي، في السياسة لا تجب المسايرة دائماً، بل يجب على من يشتغل بالسياسة ويريد أن يصبح زعيماً، أن يكون صاحب موقف وأن يفرض نفسه على الآخرين، لا أن يفرض الآخرون رأيهم عليه.

يقال إن من وضع الفيتو عليك الوزير محمد الصفدي؟
- هذا صحيح.

لماذا؟
- الوزير الصفدي صديقي مثل بقية االسياسيين، لكني لا أستطيع أن أكون «زلمة» عند أحد، أنا مستقل. الصفدي وغيره يعرفون أنني لن أكون «زلمة» عند أحد. عندي شخصيتي وتركيبتي العائلية والشخصية، وعلاقتي مع المواطنين ليست نابعة من كبرياء، بل من تواضع، وأتمنى أن يكون الكلّ أحراراً في رأيهم وتفكيرهم، وأن لا يكونوا أزلاماً عند أحد. هم أتوا ليفرضوا رأيهم، لكنني لم أسمع كلمتهم، ولم أكن بأمرهم، أنا لست «زلمة» أحد ولن أكون، وأثبتت الأحداث أنني على مسافة واحدة من كل القوى السياسية التي أحترمها.

الخلاف مع الصفدي كان شخصياً أم سياسياً؟
- الخلاف معه ليس سياسياً. خطه السياسي والعروبي هو نفسه خطي. كلّنا ضد إسرائيل ومع القضية الفلسطينية، على الرغم من وجود محاور سياسية مختلفة في بلادنا. لكن في ما يخص خدمته للبلد ومشاريعه وطريقة تعاطيه معه أنا لدي ملاحظاتي عليها. ربما رفض هذه الملاحظات، ورأى أن عليه أن ينهيني ويأتي بآخر يكون تحت أمره. لقد استطاع أن يفعلها وأتى بمحمد عيسى الذي هو تحت أمره وموظف عنده، مع أنني نبهت سياسيين إلى أن عيسى موظف عند الصفدي فلم يقبلوا هذا الكلام. واليوم ثبت هذا الأمر من خلال الموقف الذي اتخذه نحوي، وستثبت الأيام المقبلة صدق كلامي.

علاقتك مع الرئيس نجيب ميقاتي جيدة، لماذا تخلى عنك هو أيضاً؟
- علاقتي معه جيدة ولا تزال، وكذلك مع النائبين محمد كبارة وسمير الجسر. أنا ليس عندي أعداء. لكن ما حصل أن الصفدي تصلب في موقفه فسايروه.

هل أعطوك أصواتاً من تحت الطاولة؟
- لم يعطني أحد أصواتاً، فقط أهل الميناء أعطوني أصواتهم ومن فوق الطاولة.

الرئيس عمر كرامي طرح إبقاءك أيضاً.
- هذا صحيح، لكنه مشى في التحالف ووافق على محمد عيسى، على أمل الحصول على حصة في طرابلس. كان واضحاً وصادقاً في كلامه، لكن عندما ضغطوا عليه سار في التوافق، وجماعته في الميناء أيدوا عيسى مئة في المئة بعدما أخذ خمسة منهم على لائحته، لكنني أجد كل هذا مسايرات.

لماذا وقف تيار المستقبل ضدك إلى جانب الوزير الصفدي؟
- لأن صديقي وحبيبي ورفيقي منذ أربعين سنة، النائب سمير الجسر أحبّ أن يسايره، وهو يريد التغيير، لذلك أوجه له الدعوة إلى أن يبدأ التغيير بالنواب أولاً.

ستدخل إلى المجلس البلدي مع ميشال فلاح فقط، كيف تنظر إلى الأمر؟
- البعض قال إنني لن أدخل المجلس إلا رئيساً، لكن أطمئنهم إلى أنني سأخدم الميناء ضمن المجلس وخارجه، وسأخدم أهل الميناء في الخاص والعام، ولن أتخلى عن موقعي. معركتي ليست وصولي إلى الرئاسة أو العضوية، بل هي تحرير الميناء من القرار السياسي وتدخله فيها.

هل ستترشح لرئاسة البلدية؟
- لا. ليس لي دور ولا حظوظ. هناك تسعة عشر عضواً مرتبطين معاً، بعدما أتوا بهم وأنجحوهم ودفعوا عنهم أموالاً، كيف سيكونون أحراراً الآن.

كيف ترى المجلس البلدي الجديد برئاسة محمد عيسى؟
- أتمنى له التوفيق، هو جاري وصديقي، وأكبر مني سناً. لكن أتمنى ألّا يخضع لقرار المهرجين الذين دعموه وأتوا به رئيساً.

من هم المهرجون؟
- هو يعرفهم جيداً.

عندك خبرة كبيرة وطويلة في العمل البلدي، هل ستعطيها للمجلس الجديد إذا طلب أعضاؤه دعمك في هذا المجال؟
- سأعطيهم إياها طبعاً. أنا داخل البلدية لن أخرّب بل سأعمر. هذا اقتناعي، ومكتبي الخاص سأفتحه وأستقبل به أهل الميناء وسأخدمهم قدر استطاعتي. علاقاتي جيدة وواسعة في الدولة، لذا لن أتأخر في خدمة الناس. أنا في البلدية لم أكن أقوم بعمل بلدي فقط، بل كنت أقوم بخدمات أيضاً، وإلا فمن أين أتت هذه الأصوات التي نلتها في مواجهة هذا التحالف الواسع ضدي؟

ما معنى فوزك أنت وميشال فلاح في الميناء وخرقكما اللائحة؟
- يدلّ على وجود تنوع وخصوصية في الميناء. لكن كلّ من كانوا معي جيدين وممثلين لعائلات شعبية، ولم نبحث مثل غيرنا عن العائلات «الكلاس». كانت لائحتنا تمثل شرائح الميناء أكثر منهم، لكن كان معهم مال على عكسنا.

هل اتصل بك أحد من السياسيين ليهنئك؟
- لا. هم فوجئوا، ونجاحي صدمهم، وكانوا يضغطون ويراهنون على سقوطي. لكن نجحنا وخرقنا اللائحة. أنا أفتخر بالأصوات التي حصلت عليها، والخرق يثبت أكثر أن عليهم أن يفتحوا أعينهم جيداً ليعرفوا كيف يتعاملون مع الميناء. الناس ليسوا غنماً تساق للذبح كلها.

في مناطق شمالية تلقى التحالف السياسي هزائم كبيرة، لماذا غاب هذا العصب عن طرابلس مثلاً، ولماذا تدنت نسب الاقتراع؟
- لأن في طرابلس يأساً وقرفاً من السياسيين وأدائهم، ما جعل المواطنين لا يقترعون. لو لم أترشح لتدنت النسبة إلى عشرة في المئة. هذه ليست الديموقراطية التي نبحث عنها، بل الديموقراطية التنافسية، وهذا ما فعلناه. وبرغم ذلك تدنت نسبة اقتراع المسيحيين في الميناء بسبب قرفهم. النسبة عندنا كانت تبلغ أكثر من 40%، لكنها لم تتجاوز هذه المرة 32%.

ألم يكن هناك دور لماكينات لائحة الميناء في ذلك؟
- هذا ما يمونون عليه، على الرغم من أن لائحتنا تألفت قبل أقل من أسبوع، ولم أستطع لضيق الوقت تجييش الناس، ولو لم يدفعوا أموالاً لفازت لائحتنا.

كيف ستعمل في المرحلة المقبلة؟ وهل ترى أن المجلس البلدي سيفشل وسيعيدك رئيساً كما حصل عام 2002؟
- هذا افتراض لا أستطيع أن أجيب عنه الآن. لكنني سأكون إيجابياً مع كل ما يفيد الميناء، وسلبياً مع كل ما يضرها. ما أبحث عنه بعد الحركة التصحيحية في الميناء أن يكون لأهلها ممثلون في النيابة والوزارة والوظائف الرئيسية، لا أن نكون تابعين، بل أن يكون في الميناء مرجعية.


لا تخفى السعادة على وجه الرئيس السابق لبلدية الميناء عبد القادر علم الدين، الذي عقد أمس مؤتمراً صحافياً في مطعم «الجزيرة» في حضور أعضاء «لائحة قرار الميناء الحر»، رأى فيه أن تسجيل خرقين في لائحة التحالف السياسي العريض يعود «إلى الكلمة الصريحة الحرة لأهلنا في الميناء»