افتتح مخيم شاتيلا مهرجانه الصيفي الذي يبث مباشرة على "هوا" قناة المخيم الداخلية. وحلّت حكايات كبار السن ضيفاً محبباً في اليوم الأول فاستذكروا خلاله العادات في الأعراس الفلسطينية
قاسم س. قاسم
"ممنوع التدخين داخل القاعة لأنو طالعين ع الهوا مباشرة، سكوت، واحد، اثنان، تلاتة، أكشن". هكذا، يعلن المخرج ماهر شحادة بحركة من يده بدء البث المباشر على الهواء. أما "الهوا" الذي تحدث عنه شحادة فهو ليس لقناة فضائية عالمية، بل هو "هوا" المخيم الداخلي الذي بثّ فعاليات "مهرجان مخيم شاتيلا الصيفي".
تميّز اليوم الأول من المهرجان بتنظيم جلسة "تراثية" في قاعة رابطة ابناء مجدل كروم شارك فيها كبار السن من أبناء المخيم.
هكذا، شاهد ابناء شاتيلا على شاشة تلفزيونهم المسنين يتحدثون عن ذكرياتهم في فلسطين المحتلة قبل النكبة، وكيف واجهوا اليهود "ببواريد انكليزية"، كما قال عبد الله طالب صلاحاني، المهجّر من قرية بروة الفلسطينية عام 1948.
الحضور كانوا بغالبيتهم من فئة الشباب وصغار السن. هؤلاء سمعوا القصص للمرة الأولى أو ربما لمرّات عدة لكنهم لم يملّوها. في القاعة، افترش المسنون الأرض، ووضعت أمامهم الفواكه التي اعتادوا زرعها في فلسطين مثل التين والليمون والعنب والتمر. وحضر منقل القهوة العربية لتي تولت أم محمد تحضيرها على مدى يوم كامل.
وكما هي العادة في المجتمعات المحافظة، انقسم كبار السن إلى مجموعتين، فجلست ثلاث نساء من جهة اليمين وثلاثة رجال من اليسار.
فور بدء البث المباشر، تأخذ الحاجة أم لطفي الكلام فتقول إنّها خرجت من فلسطين عندما كان عمرها 16 عاماً. ثم تروي تفاصيل يومياتها هناك "كنا نفلح لكن كنا نشتغل بكرامة، وكان لكل موسم زرعه وحصاده، فكنا نزرع ذرة صفرا، زيتون، فقوس هادا اللي بسموه هون مقتة"، تقول. تتذكر ام لطفي التي تزوجت في فلسطين كيف كانت تقام الأعراس هناك. وعندما طلب يدها ابو لطفي "كنتُ دايماً اسمع هاي البنت لابن خالها ولما إجا أبو لطفي طلبني سألني أبويّ إذا بقبل اتجوزوا قلتلو آه يابا"، تقول وهي تضحك بخجل. يتدخل صلاحاني فيقول بحدة: "باطل سألك ابوكِ يا ام لطفي اذا بتقبلي فيه؟ هاد الحكي بالضيعة عندكم احنا من عناش منه، احنا كنّا نعطي كلمة هاي البنت لهاد الشب قبلت او ما قبلت البنت بدها تتجوزوا، مكناش نتراجع عن كلامنا". "ابوي سألني اذا بدي ياه ايش فيها يعني"، ترد عليه أم لطفي. السجال الدائر الذي انتصرت فيه ام لطفي يُضحك الحضور. ولتكريس انتصارها.
تضيف الحاجة السبعينية: "لم يكن لدينا هذه العادات أي أن يقبّل العريس عروسه أمام الناس". ولدى سؤال محمود شحادة عن طريقة زواجه في فلسطين يجيب الرجل برد مقتضب: "أنا اخذتها خطيفة".

ساحة قاعة الشعب تستضيف أبو عرب وفرقته الشعبية
أما ابو جمال الحاج الذي يسمي نفسه الآغا "لأن أبوي كان مختار الضيعة" سرق الاضواء من الحضور. يستذكر ابن قرية سعسع الأيام الخوالي وكيف كانت مساحة منزل العائلة تصل من "الجامع إلى المخيم حتى بابه"، ما دفع أحد الحضور إلى التعليق "بيتكم كان قد نص المخيم". تفاصيل الخروج من فلسطين المحتلة لا تزال محفورة في ذاكرة الرجل وكيف جاءوا إلى الاراضي اللبنانية حيث سكنوا برميش بانتظار انقضاء "اليومين الذين وعدنا بهم جيش الانقاذ العربي".
وكانت فعاليات المهرجانات التي ستستمر حتى يوم غد الأحد انطلقت بمسيرة جابت الأزقة الداخلية للمخيم لتصل إلى قاعة مجد الكروم حيث كان الجميع بانتظار سماع اقاصيص الكبار. خلال المسيرة رفع ابناء المخيم اعلاماً فلسطينية وتركية مرددين شعاراً واحداً: "وحدة وحدة وطنية فلسطين عربية".
ويتضمن المهرجان الذي تنظمه جمعيات ونوادٍ أهلية فلسطينية برنامجاً خاصاً للاطفال، على أن يحيي الفنان الشعبي أبو عرب مساء اليوم حفلة غنائية.
ولا تغيب الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان عن المهرجان الذي يعرض أيضاً فيلماً بعنوان "اللاجئون الفلسطينيون اسهامات مهمشة" للمخرج غابي الجمّال.