وعود وعود. هذا هو لسان حال صيدا الخائبة الأمل من وعود سياسيها والمرشحين عن مقاعدها الذين ما إن تنتهي أغراضهم حتى تبدو وعودهم مثل «كلام الليل مكتوب بزبدة تطلع عليه الشمس يسيح»
خالد الغربي
عادة ما تُستقبل الوزيرة السابقة ليلى الصلح خلال تقديمها مساعدات اجتماعية باسم «مؤسسة الوليد بن طلال» لجمعيات صيداوية بلافتات الترحيب، تصل أحياناً حداً تجعل من جمعية إسلامية مثلاً تكتب لافتة تقول «هذه الإنسانة التي بعثها الله من السماء». كل هذا التفخيم لم يحل دون مطالبة بعض أبناء المدينة، الوزيرة السابقة بتسديد بعض تعهداتها، ولو بالتقسيط، لتنفيذ مشاريع إنمائية وعامة في صيدا مسقط رأس والدها الرئيس الراحل رياض الصلح. هذه المطالبة طالت «طراطيشها» بقية مغدقي الوعود على المدينة المحرومة التي استفاق أهلها بعد الاستحقاقات الانتخابية المتفرقة على جعجعة في الأذنين وغياب مفجع لأي من انواع الطحن.
ولنبدأ من الوزيرة الصلح. قبل ست سنوات «غط» الأمير الوليد بن طلال برفقة خالته الوزيرة السابقة في صيدا، رعى خلال زيارته حفل تقديم هبة 5 ملايين دولار لإزالة مكب النفايات. وتولّت الصلح (كنائبة رئيس المؤسسة) التوقيع على الاتفاق مع الرئيس السابق لبلدية صيدا عبد الرحمن البزري، الذي عهد بموجبه بتنفيذ المشروع إلى «شركة الجنوب للإعمار» التي يملكها المهندس رياض الأسعد ابن خالة الوليد. لكن الأعمال توقفت بعد أشهر دون معرفة الأسباب، وزاد غموضها عدم صدور أية توضيحات حقيقية لا من البلدية ولا من شركة رياض الأسعد. هكذا، لا يرى محمد العرّ، أحد جيران المكب، ضيراً في توجيه سؤال إلى الصلح «أين وعودك يا مؤسسة الوليد ويا ست ليلى ويا بلدية صيدا؟»، مردفاً «خذلتمونا كشعب صيدا ولم تزيلوا مكب النفايات».
أحد الناشطين في المدينة فارس الصلح، أشار إلى أن مشروع مكب النفايات، ليس الوحيد الذي تعثر تنفيذه، فالصلح رعت سابقاً افتتاح مكتبة عامة في مبنى بلدية صيدا، وقيل إنها ستضم أمهات الكتب وقاعة مطالعة إلخ. إلا أن ما افتُتح من المبالغة بمكان تسميته بالمكتبة، ليخلص إلى القول إنه من عادة تلك المؤسسة مراقبة أي مشروع تنفذه وهو ما لم يحصل على ما سُمّي مشروع مكتبة عامة بعد قص شريط الافتتاح.
ولكون فارس الصلح من عائلة الوزيرة، «طمع» في طرح المزيد من التساؤلات فاستطرد قائلاً «أين أصبح متحف رياض الصلح، ولماذا لم يفتتح واقتصر الأمر على تأهيل المنزل الذي عاش فيه طفولته، دون أن يحول إلى متحف حقيقي. ومشروع المتحف مقفل الآن وقد اعترى الصدأ ما رُمّم سابقاً».

أين أصبح متحف رياض الصلح ولماذا لم يُفتتح حتى الآن؟
أما الشارع الرئيسي في صيدا الذي يحمل اسم «شارع رياض الصلح» حيث تستوطن المؤسسات المصرفية والتجارية فموضوع آخر. فثمة من يؤكد أن الصلح تعهدت بإعادة تأهيله بما يليق بالاسم الذي يحمله، وهو أمر لم ينفذ. لكن النائب السابق لرئيس بلدية صيدا محمد حمود برأ مؤسسة الوليد من الأمر، وقال لـ«الأخبار»: «إن المؤسسة ونائبة رئيسها تقدمتا بدراسة لتأهيل شارع رياض الصلح وعرضتاها على البلدية وجرى لاحقاً لقاء بين مهندسين صيداويين ومؤسسة الوليد، ولم يُتوصَّل إلى اتفاق فذهب كل باتجاه».
ومن الصلح إلى بقية القوى. فالرئيس فؤاد السنيورة وعد عندما ترشح عن أحد مقعدي النيابة في صيدا عام 2009 بإزالة مكب النفايات في المدينة بهبة سعودية بقيمة عشرين مليون دولار أميركي، بات الرجل نائباً عن المدينة ولم يترجم وعده، أما النائبة بهية الحريري فوعدت بسلة مشاريع بقي أكثرها سراباً بسراب. فعلى سبيل المثال كانت الحريري قد أعلنت أكثر من مرة عن توسيع مرفأ الصيادين وإقامة سنسول بمساعدة مالية مقدمة من ابن شقيقها الشيخ سعد الحريري (قبل أن يصبح رئيساً للحكومة)، لكن الأمر اقتصر على تنظيف حوض الصيادين من الأتربة دون أن يلحظ لا توسيعاً للميناء ولا إقامة للسنسول. وهذا غيض من فيض.
جهات أخرى، كرئيس البلدية السابق عبد الرحمن البزري ومؤسسة معروف سعد الثقافية الخيرية وعدا بإقامة حديقة عامة في صيدا على عقار تملكه البلدية، لكن خلافات حصلت على خلفية من تقدم بالفكرة أولاً، فطارت الوعود، والحديث يجري راهناً على ربط نزاع قضائي حال مؤقتاً دون تنفيذ الحديقة.