وصل إلى لبنان أمس الشاب أحمد ش. الذي صدرت بحقّه مذكرة توقيف غيابية بتهم قدح وذم الرئاسة الأولى عبر الفايسبوك. يبدأ التحقيق مع أحمد اليوم، ومن المتوقع أن يُخلى سبيله أسوة بالشباب الثلاثة الذين اعتقلوا في القضية نفسها
محمد محسن
أمس، عاد إلى لبنان الشاب أحمد ش. آخر الشباب المتهمين بقضية قدح وذم رئيس الجمهورية عبر موقع الفايسبوك. أوقفه الأمن العام في مطار بيروت الدولي فور وصوله، وعند الواحدة والنصف نُقل إلى مبنى الأمن العام في منطقة المتحف، وعند الثامنة نقل إلى قصر العدل، خلافاً لما أوردته الوكالة الوطنية للإعلام عن نقل أحمد من المطار إلى سجن رومية. متابع قانوني يرى أن العطلة القضائية التي تنتهي في 15 أيلول المقبل، قد تؤخّر عملية إخلاء سبيل أحمد الذي كان يعلم أنّه سيوقف بموجب مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحقّه. العودة اضطرارية، وجاءت بعد تأجيل 25 يوماً عن الموعد الأول للعودة. أما السبب، فيرتبط بوجوب تدريبه في لبنان، كي يتسنّى له إكمال دراسة طب الأسنان في أوكرانيا، فيما لم يبق من مهلة التدريب إلا 10 أيام فقط. «لولا التدريب لما عاد أحمد» تقول والدته.
في المطار ضجة خفيفة أحدثها حضور عائلة أحمد وعدد من أصدقائه. الجميع يعرف أن السلطات الأمنية ستوقف أحمد، لكن الجدال دار حول المدّة التي سيستغرقها توقيف صديقهم. تطمئن إحداهنّ والدة أحمد «لن يطول توقيفه أكثر من يوم وسيعود إليكم». تصرخ صديقة أخرى غاضبة «لقد كتبت كلاماً أقسى من نقد أحمد للرئاسة، لماذا صوّبوا باتجاه أحمد؟». يدخل ثالث على خط الحديث «القصة ليست شخصية. هي سياسية بامتياز»، يتوجّه إلينا قائلاً «كثير من المجموعات سبّت وشتمت، لماذا لم يتعاملوا معهم بالمثل؟ القصة سياسية والقضاء منحاز».
عند الحادية عشرة ظهراً حطّت الطائرة من أوكرانيا. مرّ ربع ساعة ليصل الخبر من داخل المطار إلى أحد المتضامنين: «لقد أوقفوا أحمد. هو في الداخل، لكن ممنوع أن يدخل إليه أحد أو يتحدّث معه». تبكي والدته مجدداً، وتعود صديقات ابنها لتهدئة روعها «ابنك لم يخطئ. لا تخافي، ولن يسجن».
يؤكد المحامي جورج يونس، وكيل الموقوف، أنه «مبدئياً لن يخرج أحمد اليوم، والعمل القضائي سيبدأ غداً (اليوم)». هكذا، سيتستجوب قاضي التحقيق أحمد اليوم، ومن ثم سيقدّم المحامي طلب إخلاء سبيل أحمد، تمهيداً لإحالة الطلب على النيابة العامة التي ستنظر في الطلب قبل إحالته مجدداً إلى قاضي التحقيق الذي سيبتّ إخلاء السبيل. لكن ما العمل في ظل العطلة القضائية؟ يقول يونس «العطلة أخّرتنا، سنتّكل على المناوبات القضائية». حتى الآن، وإن أُخلي سبيل أحمد، كما حدث مع الشباب الثلاثة الآخرين، فإن هذا الإخلاء سيكون مؤقتاً، وخاصة أنه لم يصدر حكم في قضيتهم، بانتظار بدء جلسات المحكمة في أيلول المقبل.
من جانبها، تؤكد الناشطة في «الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان» ماريلين حبيليني احترام الدساتير وشرعة حق الرأي والتعبير، «لكن ليس القدح والذم». لا يعني موقفها أنها ضد أحمد، لكنّها تحجم عن إعطاء موقف من القضية، والسبب؟ «الشباب يقولون إنهم لم يشتموا بل انتقدوا الرئيس، وإن حساباتهم تعرّضت لقرصنة وكُتب القدح بأسمائهم، فيما ينسب القضاء إليهم تهمة القدح والذم. الأمر بحاجة إلى أدلّة قبل تحديد موقف». يدعم كلام الناشطة ما قاله أحد الشباب الذين اعتقلوا في القضية، حيث أكّد لـ«الأخبار» أنّه أثناء التحقيق معه فوجئ بإعادة فتح المجموعة التي أثارت المشكلة على الفايسبوك «من دون علمي، ولكن ظهر أني أعدت تشغيل المجموعة، لقد تعرّضنا لقرصنة».


تعارَفوا افتراضياً والتقوا في المطار

تحوّلت عودة أحمد ش. إلى بيروت، قادماً من كييف، إلى مناسبة لجمع أصدقائه الافتراضيين. أمس، تحوّلوا إلى أصدقاء واقعيين، ووقفوا إلى جانب عائلته في استقباله. أكثر من 10 أصدقاء لأحمد وصلوا تباعاً إلى المطار. يتعارفون عن قرب، ويبدأون حديثهم عن صديقهم العائد. يقول أحدهم ممازحاً «قال لي أحمد قبل أن ينطلق من كييف، لا تخافوا إذا قصّوا لي شعري قرعة». يروون قصصهم مع الفايسبوك. تعرّضت حسابات غالبيتهم على الموقع لعمليات قرصنة. «سُرق حسابي 6 مرات، لكني لن أوقف نشاطي السياسي على الفايسبوك»، تقول إحداهن. بعد تأكّدهم من خبر توقيف أحمد، تجمعوا عند باب المطار، استقلّوا سيارات الأجرة وتوجّهوا نحو قصر العدل، حيث سيبيت أحمد ليلته قبل التحقيق معه.