رامي زريقلقد أصبح واضحاً بالنسبة لـ«التنمويين» أن جدوى معظم المشاريع التي تُنفّذ ضئيل جداً وأن أثرها على معيشة الفئات المستهدفة قد يكون معدوماً.
طبعاً لا يعني ذلك أنه ليس هناك مستفيدون من الدعم التنموي الذي يأتي عادة على شكل هبات من السفارات الأجنبية. وقد برزت خلال السنوات العشرين الأخيرة طبقة من ممتهني العمل التنموي الذين تحسّنت معيشتهم تحسّناً ملحوظاً في وقت لا يزال عدد الفقراء على تصاعده المعهود. تكمن إحدى مشكلات جدوى العمل التنموي في استحالة التخطيط لمشاريع يستفيد منها عدد كبير من الفقراء الذين تختلف ظروفهم ومشاكلهم. لهذا السبب، تعيد اليوم بعض الجهات المانحة النظر في استراتيجياتها التمويلية، إذ إنها لاحظت أخيراً أن الفقراء ليسوا أغبياء ولا تنقصهم القدرة على التفكير، بل ينقصهم المال فقط. لذلك قررت استبدال المشاريع التنموية بمبلغ من النقود يقدم لكل عائلة محتاجة إما لمرة واحدة أو على دفعات، تاركين لهم القرار في كيفية صرفه. في مجتمع ريفي مثلاً، هنالك من قد يستعمله لشراء الشتول، آخرون قد يؤسسون به نشاطاً تجارياً متواضعاً، أو يسددون به أقساط أبنائهم المدرسية. وقد نالت هذه المقاربة قسطها من الانتقاد، فالبعض قد عارضها لأنها تدخل الفقراء إلى السوق الاستهلاكية (وكأنهم يعيشون خارجه!) وبعضهم من رأى أن الفقراء لا يستطيعون تقرير حاجاتهم وحدهم وأن هذا المال يذهب هدراً. إلا أن التجارب في البرازيل والمكسيك تشير إلى نجاح هذه المقاربة، وخاصة إذا رُبط تقديم المبلغ بإرسال الأطفال إلى المدرسة. من جهتنا، كنا في لبنان سباقين في مجال توزيع الأموال الصادرة عن السفارات الأجنبية للفقراء، إلا أنه عندنا، نطلق على هذه العملية اسم «الانتخابات» ونربطها بإرسال الزعماء إلى مجلس النواب.