محمد عمر موقوف منذ 6 سنوات بتهمة تنفيذ جريمة قتل، ولم يصدر الحكم بحقّه بعد. قضيته تلفت إلى دعاوى جزائية تتكدّس في المحاكم
إكرام شاعر
في 14 أيلول 2004، أُوقف العامل السوري محمد حميد عمر (36 عاماً) بعد إشكال حصل في برج حمود، أدّى إلى وفاة بيار عفارا مطعوناً بسكين. في حديث مع «الأخبار» قال السيد عمر، شقيق الموقوف، إنّ جريمة القتل حصلت على خلفية إشكال بين وليد غ. والراحل «حيث اختلط الحابل بالنابل، فضُرب محمد وأغمي عليه». كان العامل السوري هو الشخص الوحيد الذي وجده شقيق عفارا في مسرح الجريمة «فعاجله بطعنات من سكين، لم يستيقظ من أثرها إلّا بعد 48 ساعة في المستشفى». يؤكد السيد عمر أنّ أخاه لم يرتكب الجريمة، وأنه موقوف في سجن رومية المركزي من دون حكم منذ 6 سنوات، مضيفاً إنّ والد المغدور به عفارا ادّعى في إفادته أنّ محمد كان يحمل عصا، بينما ابنه توفّي نتيجة طعنات وجّهها إليه غورو، الفارّ إلى سوريا.
يتحدث السيد عمر عن إهمال لملف شقيقه، ويقول إنّ محاميه لا يحضر الجلسات، وإنه سبق له توكيل محامٍ آخر «تقاضى أربعة آلاف دولار، ثم تقاعس عن أداء واجبه». أمّا الوكيل الحالي لمحمد عمر، المحامي حسن محمد، فيقول إنّ العدالة تأخذ مجراها، وإن ببطء شديد، عازياً السبب إلى إجراءات توزيع الأعمال في المحاكم، حيث تطول رحلة إجراءات سير الدعاوى الجزائية، ليس فقط في انتقالها من النيابة العامة إلى مرحلة التحقيق، بل أيضاً تزيد الحواجز الفترة التي تلي صدور المضبطة الاتهامية، وتسبق القرار النهائي نظراً إلى «صعوبة الاستماع إلى الشهود كما هي الحال في قضية عمر، فلا تُعقد أكثر من 3 جلسات في السنة»، ويؤكد محمد أنّ المذكّرة الاتهامية صدرت في 5/5/2005 متّهمة الموقوف بارتكاب الجريمة، وأنه حريص على حضور جلسات المحاكمة للدفاع عن موكّله، وقد حدد موعد الجلسة المقبلة في 11/10/2010، مضيفاً إنه بانتظار الحكم النهائي، الذي سيصدر عن محكمة جنايات بيروت، سيبقى المتهم في السجن، لأنّ القانون يمنع إخلاء السبيل في جنايات القتل تأسيساً على المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
قضية محمد عمر عرضها المركز اللبناني لحقوق الإنسان، ومنظمة «سوليد» لدعم اللبنانيين المعتقلين والمنفيّين على الفريق العامل التابع للأمم المتحدة، المعني بالاحتجاز التعسفي. وديع الأسمر من المركز اللبناني لحقوق الإنسان يقول «التأخير غير المقبول في محاكمة محمد يمثّل انتهاكاً لمبدأ افتراض البراءة، من المعيب أن تُهمَل كل هذه الحقائق التي تمثّل احتجازاً تعسفياً».
يقول الدكتور علي إبراهيم إنه إذا أوقف المدعى عليه بموجب مذكرة إحضار، وظل في النظارة أكثر من 24 ساعة دون أن يُستجوَب أو يساق إلى المدعي العام وفقاً للمادة 102 من قانون أصول

تكتسي قرينة براءة مشتبه فيه أهمية في مجال الإجراءات الجنائية
المحاكمات الجزائية، يعدّ توقيفه تعسفياً، ويلاحَق الموظف المسؤول بجريمة حجز الحرية الشخصية المنصوص عليها في المادة 268 من قانون العقوبات. بالنسبة إلى ادعاء أهل الموقوف أنّ الفاعل فارّ إلى سوريا، يقول الدكتور إبراهيم إنّ الاتفاقية القضائية بين لبنان وسوريا تتيح أعلى درجات التنسيق بين السلطات في البلدين، ويؤكد إبراهيم أنّ القانون اللبناني لا ينص على مدة قانونيّة معيّنة للتوقيف عندما يتعلق الأمر بجنايات القتل، طالما أنه جرى بناءً على سند قانوني، ولا ينص القانون على فترة السجن قبل صدور القرار الاتهامي.
جاء في المادة الثامنة من الدستور اللبناني أنّ «الحرية الشخصية مصونة وفي حمى الدستور، ولا يمكن أن يُقبض على أحد أو يُحبس أو يوقف إلا وفقاً لأحكام القانون»، وتكتسي قرينة براءة مشتبه فيه أهمية كبرى في مجال الإجراءات الجنائية.
يلفت رجال القانون إلى أنّ لبنان بات ملزماً دستورياً ومعنوياً بتطبيق القواعد النموذجية، وخاصةً بعد إدخال الفقرة ب في مقدمة الدستور، التي تنص على التزامه المواثيق الدولية، وأهمها العهد الدولي المتعلق بالحقوق السياسية والمدنية الذي انضم إليه لبنان عام 1972.