نديم دعبولالمكان: بلدة الزراريّة في قضاء صيدا، الزمان: السبت في 17 تمّوز 2010: خرجت نادين وديانا من المنزل عند الساعة الثامنة مساءً تقريباًً، وتوجّهتا سيراً على الأقدام إلى محل أكسسوارات في البلدة الجنوبيّة لابتياع بعض الحاجات. نشاط عادي كان من المفترض أن يمرّ مرور الكرام بعودة الفتاتين إلى المنزل، وبحوزتهما الأغراض المطلوبة. ولكن كان لقوى الامن الداخلي مخطّطات أخرى.
فخلال وجودهما في المتجر، وهو على جانب الطريق الرئيسي للبلدة، حيث الحركة لا بأس بها خلال الصيف، حدثت الغارة المشؤومة: فجأةً وصلت ثلاث سيّارات تابعة لقوى الأمن الداخلي بسرعة كبيرة حتّى باب المتجر، سدّت الطريق العام، وترجّل العناصر بمرافقة نقيب وهم مدجّجون بالعتاد، واقتحموا المكان وشهروا الأسلحة في وجهي الفتاتين العشرينيّتين.
فوجئ الجميع، ودخلت الفتاتان في حالة صدمة: «ماذا يحدث؟». كان جواب العناصر تقليدياً: «تفضّلا معنا إلى السيارة». ولكن هل كان هذا كافياً؟ طبعاً لا، حيث لم يخطر مطلقاً في بال نادين وديانا أنّهما ستختبران تجربة عاصفة أمنيّة من العيار الثقيل، عندما قررتا القدوم إلى لبنان والنزول في منزل صديق الأهل في الزراريّة خلال الصيف، للحصول على علاج لمشكلة صحيّة تعانيانها.
ولكن بطبيعة الحال، ونظراً إلى هول الظرف القائم والمفاعيل القانونيّة، لم يكن للفتاتين رأي آخر، ورافقتا العناصر والأسلحة في ظهريهما. توجّهت السيّارات مسرعة إلى مركز الدرك في البلدة، حيث أُخرج العناصر الموجودون فيه، واختلى القائد الأمني وعناصره بـ«المشبوهتين» ليوجّه وابلاً من الأسئلة إليهما. وهي مسألة كان من المفترض أن تكون مريحة للفتاتين لكي تعرفا تحديداً طبيعة التهمة الموجّهة إليهما.
«لماذا أتيتما إلى لبنان؟ ماذا تفعلان تحديداً في الزراريّة؟ ما هي نشاطاتكما؟ إلى أين تذهبان يومياً؟»، أسئلة كثيرة ولكن لا ذكر لأيّ تهمة!

توجّه عناصر من المجموعة الأمنيّة إلى منزل مضيف الفتاتين
استمرّ التحقيق زهاء ثلاث ساعات. أجابت نادين وديانا على الأسئلة المطروحة، وفي النهاية لم تتوصّل وحدة قوى الأمن الداخلي سوى إلى نتيجة واحدة: «نعتذر منكما، ويمكنكما العودة إلى المنزل»!
طبعاً، خلال وقت التحقيق توجّه عناصر من المجموعة الأمنيّة إلى منزل مضيف الفتاتين، وهو من آل مروّة، وفتّشوه مدعومين بمذكّرة. لم يجدوا شيئاً.
عادت الفتاتان إلى المنزل بوجهين شاحبين، فهما لم تكونا أبداً في وارد أن تنطلق همسات خاصّة في شأنهما، تشير إلى تورّطهما في قضايا أمن وطني أو أخلاقي. «العائلة تطالب بحقّها وبعكس مفاعيل الإهانات التي تعرّضت لها»، قال أفراد عائلة مروّة المعنيّة بالأمر في حديثهم لـ«الأخبار». أضافوا: «نحن نستغرب كيف يمكن أن تهان كرامات الناس بهذه الطريقة من دون أيّ أسس أو أدلّة».
وسألت العائلة: «من أعطى هذه المعلومات المغلوطة لاستهداف كرامتنا؟». وطلبت «من الجهات الرسميّة، وخصوصاً من وزير الداخليّة زياد بارود التحقيق في هذا الأمر للوقوف عند حقيقة أسبابه»، بهدف «إعادة الاعتبار إلى العائلة، التي انتُهكت حرمة منزلها، بعدما تعرّضت الفتاتان للإهانة أمام أعين الجميع».