أخيراً، أقرّت لجنة الإدارة والعدل أمس، تعديل الفقرة 59 من قانون العمل اللبناني، المتعلق بالعمال الأجانب. المادة المعدّلة سمحت للفلسطيني باستصدار إجازة عمل بدون دفع رسومها، ما أعفى أرباب عمل الفلسطيني من دفع مبلغ 450 ألف ليرة لبنانية
قاسم س. قاسم
«يتمتع الأُجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون شرط المعاملة بالمثل، ويترتب عليهم الحصول من وزارة العمل على إجازة عمل تستثني حصراً الأُجراء الفلسطينيين اللاجئين المسجلين وفقا للأصول في سجلات وزارة الداخلية والبلديات ومديرية الشؤون السياسية واللاجئين، من شرط المعاملة بالمثل، ومن رسم إجازة العمل الصادر عن وزارة العمل». هكذا، أعلن رئيس لجنة الإدارة والعدل، النائب روبير غانم، بعد اجتماع اللجنة، أمس، في مجلس النواب تعديل الفقرة 59 بقانون العمل اللبناني، المتعلقة بالعمال الأجانب. في قراءة سريعة للخبر يعتقد المرء بأنّ الفلسطينيين سيتوجّهون في اليوم الذي سيلي جلسة التصويت عليه في 17 آب المقبل، إلى وزارة العمل زرافات ووحداناً، للحصول على إجازات تسمح لهم بممارسة حقّ كفلته لهم شرعة حقوق الإنسان. لكن إذا دقّقنا قليلاً في الخبر، وفي تعديل الاقتراح المقدم من كتلتي اللقاء الديموقراطي والحزب السوري القومي الاجتماعي، فإننا سنجد أنه لا شيء قد تغيّر في ما يتعلق بحق الفلسطينيّين في العمل، ما عدا إلغاء مبلغ 450 ألف ليرة لبنانية كرسم إجازة. وبرغم إيجابية الخطوة، فإنّ الشيطان، كالعادة، يكمن في التفاصيل، والشياطين في تعديل الاقتراح كثيرة، لأنه إذا دقّقنا في التعديل أكثر فإننا سنجد الكثير من الأسئلة التي تبقى إجاباتها غامضة، بما يوجب على لجنة الإدارة والعدل توضيحها. مثلاً: هل يمكن الفلسطيني أن يدخل إلى نقابات المهن الحرة بعد إلغاء مبدأ المعاملة بالمثل رغم وجود قوانين خاصة لتلك النقابات التي تطبّق معظمها مبدأ المعاملة بالمثل؟ وهل سيُسمح للأطباء والمحامين الفلسطينيين بممارسة هاتين المهنتين في القطاع الخاص مثلاً، طالما أن القطاع العام حصراً من حق اللبنانيين؟ وهل يجب على عامل البناء الفلسطيني، الذي يريد العمل في ورشة ما، إيجاد كفيل في البدء للحصول على إجازة العمل ليصبح عمله شرعياً؟
«بعد المناقشة والاستماع إلى آراء النواب تبيّن أن هناك ضرورة لإبقاء إجازة العمل، لأنّ هذه الإجازة هي الوحيدة التي تميّز اللبنانيين عن غيرهم، وبالتالي، هناك أيضاً خوف إذا أزلنا الإجازة أن تسقط صفة اللاجئ الفلسطيني عنه، لأنه يعدّ عندها مثل اللبناني، وهذا يضر بمصلحة الفلسطيني»، كما قال النائب غانم. هكذا، وخوفاً على مصالح الفلسطيني، ولتذكيره بأنه لاجئ، عدّلت لجنة الإدارة والعدل المادة 59 التي تسمح له بالحصول على إجازة العمل مع إلغاء الرسوم المستحقّة عليه للحصول على هذه الإجازة. لكن، هذه الخطوة تعدّ ناقصة، وخصوصاً بعدما كانت الجمعيات المدنية والأهلية تطالب بإلغاء «إجازة العمل، وإذا كان لا بد منها فأن تكون مفتوحة، أي أن يأخذها الفلسطيني من الوزارة بدون إيجاد كفيل، لأنه لا يمكن أن يتساوى الفلسطيني مع أيّ عربي لأنه لاجئ»، كما قالت سميرة صلاح عضو لجنة عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. تضيف صلاح: «لن يزيد إقرار هذه التعديلات، عدد طالبي إجازات العمل في الوزارة، إذا كانوا يعتقدون بأنّ هذا القرار سيمثّل دافعاً للعامل». وعدّت هذه الخطوة «إيجابية لكن ناقصة، وهي لحفظ ماء الوجه فقط».
ينطلق هملقارت عطايا، معتمد فلسطين في الحزب السوري القومي، الذي صاغ مشاريع قوانين الحزب السوري المقدمة للمجلس النيابي، من «الحق المكتسب للفلسطيني لكونه مقيماً على الأراضي اللبنانية منذ زمن». ويستنتج أن رفع «مبدأ المعاملة بالمثل والحصول على إجازة عمل من الوزارة لا يعني أنه بالإمكان الدخول إلى المهن الحرة». ويطالب بعدم تجزئة «الحقوق لأنها سلة واحدة، ولا يجوز تجزئتها ولأنها ليست خاضعة للتفاوض وهي حق مكتسب». لكن هذه «الخطوة الصغيرة للإنسان والكبيرة للبشرية» جاءت ناقصة، فإقرار هذه التعديلات، التي تلغي فقط رسم إجازة العمل، أمر إيجابي، لكن في ما يتعلق بـ«تمتّع الأجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون»، وفق نص التعديل، فهي إضافات مطبّقة على الفلسطيني حامل إجازة العمل أصلاً، وبدون حاجة إلى التعديل، لأن تعويض نهاية الخدمة يناله الموظف من الشركة التي يعمل فيها، لكنه لا «يشمّ ريحتها» من صندوق الضمان الاجتماعي. هكذا، يمكن شكر نواب الأمة على هذه الخطوة التي على إيجابيّتها، لم يحصل فيها الفلسطيني من «الجمل دينتو».