سوزان هاشممنذ زواجهما اتّفق ربيع (اسم مستعار) وزوجته ياسمين (اسم مستعار)، على فتح حساب مصرفيّ مشترك، على أن يتقاسما في حال حصول خلاف مستقبلي بينهما المبالغ المودعة فيه. هكذا التزمت ياسمين بالاتفاقية، وواظبت على مدى 9 سنوات على وضع الجزء الأكبر من راتبها شهرياً في الحساب، فيما كان الزوج يضع فقط ما يبقى من راتبه فيه، إلى حين نشب خلاف بينهما. على أثر ذلك، سارع الزوج إلى سحب كامل المبلغ المودع في الحساب المشترك، والبالغ مئة وخمسة عشر مليوناً وسبعة عشر ألفاً وأربعمئة واثنتين وتسعين ليرة لبنانية، بما فيه مبلغ 90 مليون ليرة عائد إلى الزوجة، مقفلاً الحساب، ومودعاً المبلغ في حساب شقيقته.
وقد وجّهت الزوجة إنذاراً إلى زوجها بحسب الأصول القانونية، تبلّغه فيه ضرورة إعادة أموالها، لكنّ ربيع رفض الإنذار. فما كان من ياسمين إلّا أن تقدمت بشكوى ضده، فاعترف خلال التحقيق بمطالب الزوجة، وبالاتفاق المبرم بينهما.
تكوّنت القناعة لدى القاضي المنفرد الجزائي في صيدا، الرئيس باسم تقي الدين، بأنّ فعل المشكو منه ينطبق عليه جرم إساءة الائتمان. فألزم ربيع بإعادة نحو 57 مليون ليرة لياسمين، وذلك بناءً على القانون المختص بأحكام الحساب المشترك، والاتفاق المبرم بينهما، ودفع 6 ملايين ليرة كتعويض لها. وتجريمه بالمادة 671 التي تنص على أن: «كلّ من تصرّف بمبلغ من المال أو أشياء أخرى من المثليات سُلمت إليه لعمل معين، وهو يعلم، أو كان يجب أن يعلم، أنه لا يمكنه إعادة مثلها، ولم يبرّئ ذمّته رغم الإنذار، يعاقب بالحبس حتى سنة، وبالغرامة حتى قيمة الردود والعطل والضرر».
إلّا أنّ القاضي عاد وأعفى المدعى عليه في نفس الحكم من هذا الجرم، استناداً إلى المادة 674، التي تنصّ على أنّ «مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في الفصول السابقة يُعفون من العقاب إذا أقدموا عليها إضراراً للأصول أو الفروع أو الأب أو الأم أو الابن المتبنّى أو الزوج غير المفترق عن زوجه قانوناً».
وهذه الجرائم المعفى عنها تضمّ إساءة الائتمان. إنّ لجوء المشترع إلى هذا الإعفاء أتى «حفاظاً على الروابط الأُسرية». لكنّ المشكلة تبقى حين يكون «الرابط قد حُلّ فعلياً»، قبل أن ينفّذ قانوناً، أي حين ينشب خلاف بين الزوجين قبل الفرقة القانونية، فهنا يظل الإعفاء سارياً، ما يجعل إمكان استغلال أحد الطرفين لهذا الوضع ممكناً.