حاصبيا ـــ عساف أبو رحاليندرج إنشاء معمل لفرز النفايات ومعالجتها في منطقة حاصبيا والعرقوب ضمن أولويات الدولة، فيما تتوقف جهود بلديات عند حدود الآمال ويقتصر نشاطها على أبعد تقدير على جمع النفايات المنزلية ووضعها في المكبات التي تتسع على حساب المساحات الحرجية. تهدّد مكبات النفايات في مثل هذا الوقت من كل عام بنشوب الحرائق. هنا تضرم النيران من دون حسيب أو رقيب، فتتصاعد سحب الدخان الكثيفة ملوثة الأجواء المنطقة. تنتشر الروائح الكريهة لمسافات بعيدة فتجذب الحشرات الزاحفة والكلاب الشاردة والحيوانات المفترسة والطيور الجارحة. هكذا، تتحوّل المكبات مرتعاً لهذه الفصائل ليلاً ومزاراً لجامعي الخردوات نهاراً يزيدونه تنقيباً، بحثاً عن قطع خشب أو حديد أو «عفش خربان». بالمبدأ، تقع مسؤولية انتشار مكبات النفايات بصورة فوضوية وعشوائية على عاتق البلديات، الجهة التي تنظم وتدير جمع النفايات في القرى الجبلية. لكن رئيس بلدية راشيا الفخار سليم يوسف يبدي استياءه من تحول حرج البلدة إلى مكب للنفايات. يقول: «المكان حرجي بامتياز ومن غير المقبول وجود مكب للنفايات مخالف لكل القواعد البيئية والصحية». ويلفت يوسف إلى أنّ «المكب يتسع تدريجياً على حساب المساحات الحرجية»،

عجزت البلديات السابقة عن معالجتها لعدم توافر الإمكانات
مؤكداً أهمية المحافظة على الثروة الحرجية، لا سيما السنديان والصنوبر، وهي أشجار نادرة وتغطي مساحات شاسعة في المنطقة. ويشدد الرجل على ضرورة إيجاد حل جذري من خلال إنشاء معمل لفرز النفايات ومعالجتها لتخفيف الخطر عن البيئة والإنسان معاً. أما رئيس بلدية كفرشوبا قاسم القادري فيرى أن مشكلة النفايات واحدة في كل قرى القضاء، والفارق الوحيد حجم المكب والكميات التي يستقطبها يومياً.
ويشرح كيف أنّ البلديات السابقة عجزت عن معالجتها لعدم توافر الإمكانات المادية لديها. ويقول: «لا تختلف كفرشوبا عن باقي القرى والبلدات، فهي تملك مكباً للنفايات في المرتفعات الجنوبية الشرقية حيث لا تزال الأراضي هناك تحافظ على طبيعتها البكر»، مشيراً إلى أنّ وجود مكب للنفايات يلوث الهواء والتربة، وخصوصاً عندما تُحرق المخلفات. ويتحدث القادري عن توجه لدى البلدية للعمل بالتعاون مع وزارة البيئة والجمعيات المحلية. لكن الرجل يعترف بأنّ الأمر يبقى في حدود الآمال التي يعتقد أن تحقيقها ليس سهل المنال أو على الأقل ليس في المدى المنظور.
هكذا، يجمع رؤساء البلديات على أنّ المشكلة عامة ومعالجتها تحتاج إلى جهد رسمي من جانب المراجع المختصة ليأتي الحل جذرياً فيخدم كل القرى والبلدات، وذلك للحد من ظاهرة تتسع دائرتها يوماً بعد يوم وتوزع ضررها على البيئة والإنسان في منطقة ما لا تزال تحافظ على عذرية طبيعتها وتربتها.