حاصبيا ـــ عساف أبورحاليأسف أبو جهاد للحال التي وصلت إليها زراعات الخضار في لبنان، بعد تدني جودتها ونوعيتها وغياب أنواع الزراعات القروية التقليدية التي كانت في ما مضى تزيّن حدائق المنازل خلال مواسم تمتد من أواخر الربيع حتى منتصف التشرينين. ويؤكد صاحب أشهر «جنينة» في الكفير، قضاء حاصبيا، أن أنواع الخضار المعروضة في المحال التجارية، شهية المنظر بألوانها وأحجامها التي تشد الزبائن، لكنها تخلو من الرائحة والطعم، لاختزانها أنواعاً من الكيماويات، أفقدتها جودة ونوعية وقدرة على المقاومة والبقاء حتى داخل البرادات.
فبجانب منزل أبي جهاد عبد الله أبو صعب، تقوم «جنينة» لا تتجاوز مساحتها 100 متر مربع، حوّلها صاحبها واحة خضراء فيها ما لذ وطاب من أنواع الخضار المزروعة وفق الطرق القديمة بعيداً عن الكيماويات، ويشرح بعض التفاصيل، مشيراً إلى أن زراعته أتت لتسدّ حاجات المنزل من الخضار صيفاً، بسبب سوء الأصناف المعروضة للبيع في الأسواق، وهي محدودة كمًّا ومساحة بسبب «ضيق الحديقة الذي يحول دون استخدام الجرار الزراعي لتقليب التربة، لذا يكون العمل يدوياً بواسطة المعول مع مطلع الربيع، حيت يتم «نكش» الأرض ثلاث أو أربع مرات قبل زراعتها» كما يقول. كما يلجأ أبو جهاد إلى «التثليم» بواسطة المجرفة مع الالتزام بأبعاد متساوية بين الأثلام تسمح بتمدد البراعم والأوراق، وتتيح تعرّض الثمار لأشعة الشمس دون أن تتداخل بعضها ببعض. هذا النشاط يوفر خضاراً نظيفة غير ملوثة ويسدّ أوقات الفراغ، حيث يتسلى أبو جهاد في العمل في حديقته يومياً مرة عند الصباح ومرة عند المساء. «تعتمد هذه الزراعة على سماد الماعز دون غيره، وهو يباع بثمن خمسة آلاف ليرة للكيس الواحد، ثم على الكبريت الأصفر لمكافحة المنّ». هكذا، تكون جميع لوازم التبولة والسلطة، مثل البندورة والخيار والخس والبصل الأخضر والبقدونس والنعنع والصعتر، موجودة، طبيعية ونظيفة، بالإضافة إلى مكونات أخرى يزرعها أبو جهاد وتستخدم في إعداد أصناف عديدة من الطبخات مثل اللوبياء والباذنجان والثوم».
وتشير منى، زوجة أبي جهاد، إلى فائض في الإنتاج، يُوزّع على الجيران ثم الأقارب في بيروت، مؤكدة أن «خضار الدكاكين ما بتسوى للأكل، الخيارة أول يوم طولها عشر سنتمترات وثاني يوم بتصير خمسة حتى لو كانت في البراد، أما البندورة وباقي الأصناف، فهي تذبل قبل استخدامها». وقد لاقى نشاط أبي جهاد الزراعي إعجاب الكثيرين من أبناء القرية، لا سيما المقيمين منهم في بيروت، والذين يحملون معهم إلى العاصمة، من دون مقابل مادي، ما توافر من الحديقة، وخصوصاً البقدونس والنعنع لتحضير التبولة، في كل زيارة لهم لقريتهم.