رامي زريقوقَعت وزارة الزراعة، أخيراً، اتفاقية تفاهم مع أحد المصارف الخاصة، لفتح أبواب عالم الديون أمام المزارعين. وبعكس ما ورد في العديد من الصحف، ليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها مؤسسة حكومية إدراج الفلاحين ضمن لائحة زبائن البنوك الخاصة. فقد سبق أن عملت مؤسسة «كفالات» على مساعدة المزارعين للاقتراض الميسّر والمكفول أعواماً عدة، لكنها لم تنجح في رفع نسبة القروض الزراعية إلى أكثر من 4%، وهو الرقم المتداول به منذ أكثر من عشرين سنة. لماذا يتجنب المزارعون، وخاصة الصغار منهم، طلب القروض الزراعية من المصارف، بينما يقترضون من شركات زراعية يمارس بعضها الربى في حقهم، لناحية الفوائد العالية التي تفرضها عليهم؟ سؤال يجب البحث فيه قبل التخطيط لرفع نسبة المقترضين الزراعيين. قد يكون المزارعون يحملون في ذاكرتهم الجماعية خوفاً دفيناً متوارثاً من الأيام التي خسر فيها العديد منهم أرضه نتيجة ديون غير مسددة لمرابين كانوا يعيشون في كنف النظام. وقد يكون السبب هو نظام تسديد الديون المصرفية، ميسّرة كانت أم «معسّرة»، شهرياً، فيما العملية الزراعية تثمر موسمياً دفعة واحدة وقد تمر على المزارع مواسم فاشلة لا يجني خلالها ما يكفي لسد الديون وشراء ما يحتاج إليه من مستلزمات الموسم المقبل. في هذه الحالات، توافق الشركات عادة على إقراض المزارعين ثانية لأن مصيرها مرتبط بهم. أما المصارف، فهي تتعامل مع القرض الزراعي بتجرد تام، وهذه ميزة رأس المال، الذي يسعى إلى تحقيق أكبر نسبة ممكنة من الأرباح، بغض النظر عن قطاع الاستثمار وعن البشر الذين يعتاشون منه. لهذه الأسباب، يطلب من الدولة تأمين رزمة متكاملة تتضمن الإرشاد الزراعي والتسويق لتأمين ربحية المزارع قبل دفعه نحو اقتراض قد يقضي عليه.