Strong>جثة معلقة بإطارات طائرة انطلقت من بيروت، فتحت الأسئلة عن هوية صاحبها، كيف دخل إلى المدرج؟ ولماذا تعلّق بالطائرة؟ ومن المسؤول عن التقصير في حماية أمن المطار والتشدد في تطبيق أنظمته؟من هو صاحب الجثة التي وجدت معلقة بالإطارات الخلفية لطائرة أقلعت من بيروت وحطّت في الرياض؟ السؤال معلق، والإجابة عنه ضرورية لفهم كيفية وقوع الحادث، ولمعرفة الثُّغر التي سمحت بتسلل رجل ما إلى مدرج المطار ثم تعلقه بإطار الطائرة.
الرحلة «إكس واي 720» انطلقت من مطار بيروت الساعة الحادية عشرة و20 دقيقة مساء الجمعة الماضي.
الطائرة من طراز ايرباص (320)، وهي تابعة لشركة «ناس»، وبعدما هبطت في مطار الرياض الواحدة والنصف فجر السبت، تبيّن وجود جثة على الإطارات، فيما تحدثت وسائل إعلام عن وجود بقايا جثة.
اتصلت سلطات الطيران المدني اللبناني، بناءً على توجيهات وزير النقل غازي العريضي، بسلطات الطيران المدني السعودي وشركة «ناس» لإرسال التقارير الرسمية عن الحادث، ولا سيما المعلومات عن الجثة من الناحية الجنائية وتقارير عن التحقيقات مع العاملين في الشركة المعنية بالموضوع، والإفادة الواردة من ركاب الطائرة. جاء في خبر نشرته الوكالة الوطنية للإعلام أن «إجراءات الكشف الروتيني على الطائرة كانت قد أنجزتها شركة الخدمات الأرضية في مطار بيروت على نحو طبيعي، ولم يتبين وجود أي أمر غير اعتيادي».
حتى مساء أمس، راجت في المطار روايتان: الأولى أفادت بأن صاحب الجثة هو عامل بنغلادشي اقترب من الطائرة فيما كانت تهم بالإقلاع، وعلق بالإطارات. لكن هذه الرواية سرعان ما سُحبت من التداول، وجرى التركيز على رواية أخرى مفادها أن شاباً تسلل إلى المدرج بعدما قصّ جزءاً من سياج محيط الميناء الجوي، وكان يحمل حقيبة، تبيّن لاحقاً أنها تحوي ثياباً وأداة لقص الأسلاك، ولم تحتوِ على أوراق ثبوتية. وقيل إنه عُثر على قطعتي فلاتر سيجارة في زاوية إطار الطائرة، ربما استخدمهما صاحب الجثة لسدّ أذنيه.
الرواية الأخيرة تدعمها معلومات نشرتها وسائل إعلام سعودية وتقارير أُرسلت من الرياض إلى بيروت. فقد تسلمت السلطات الأمنية اللبنانية في مطار رفيق الحريري الدولي ـــــ بيروت من السلطات الأمنية السعودية صورة للشخص الذي عثر على بقايا لجثته على إطارات الطائرة، وتدل ملامحه على أنه في العشرينيات من العمر. وفي «معلومات أولية» نشرتها الوكالة الوطنية «أن بعض ركاب الطائرة شاهدوا شخصاً يحمل حقيبة صغيرة على ظهره ويرتدي قبعة يركض في اتجاه الطائرة، ثم وقع أرضاً وقام، واتجه نحو الطائرة بينما كانت تهمّ بالإقلاع. وأعلم الركاب والمضيفات قائد الطائرة بالأمر، لكن الأخير لم يتخذ أي إجراء وأقلع بالطائرة من دون إبلاغ السلطات المختصة في المطار بما جرى».
صحيفة «الوطن» السعودية نقلت عن «مصادر في شرطة مطار الملك خالد الدولي في الرياض» أنه يرجَّح أن تكون الجثة لشاب لبناني، وأنها لم تتعرض لتشويه كلي، وليست عبارة عن أشلاء، «بل إنها في حالة يسهل فيها التعرف إلى ملامحها». ولفتت الصحيفة إلى أن السلطات السعودية المختصة باشرت التحقق من الحمض النووي ومن أي تفاصيل قد تسهم في كشف هوية الشخص، وذلك «وصولاً إلى معرفة أسباب تسلله إلى الطائرة ومحاولة ركوبها بهذه الطريقة».
في لبنان أيضاً، التحقيق في الحادث جارٍ، ويُحاط بتكتم كبير تُشرف عليه السلطات القضائية المختصة، ويتابعه وزير الداخلية زياد بارود ورئيس جهاز أمن المطار وفيق شقير، وفق ما قال لـ«الأخبار» متابعون للقضية.
في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» أمس، رفض وزير الداخلية الحديث عن خرق أمني قبل اكتمال عناصر التحقيق، لأن الموضوع قد يكون أصغر من خرق أمني بكثير، ولا سيما أن المدرج يكون عليه عادة عمال لهم علاقة بالشركات العاملة على أرض المطار. وأشار بارود إلى أن التحقيق ليس إدارياً فقط، إذ يتولاه القضاء «وهناك ضمانة بأن يستكمل حتى النهاية». وأضاف أن كل المعنيين، من رئاسة المطار إلى جهاز أمن المطار والمديرية العامة للطيران المدني، يشاركون في التحقيق «وهناك أجوبة يجب أن تعطى للناس عمّا حصل، لكن لغاية الآن لا جواب حاسماً لدي».
في انتظار صدور نتائج التحقيق والتعرف إلى هوية صاحب الجثة، تفتح هذه الحادثة الباب على أسئلة عديدة تتعلق بأمن المطار وبأمن ركابه. ومن المفترض أن يوازي التحقيقَ القضائي تحقيق عسكري ومسلكي، وأن يُحاسب المسؤولون عن التقصير في أداء واجب حماية المدرج، وأن تبقى هذه القضية بعيدة عن التجاذبات السياسية في البلاد.
(الأخبار)