يكاد لا يمر يوم في بعلبك، وإلا وتسمع عن سقوط مشاة ضحية عبور الطرق. الجسور المخصصة لهم أنشئت العام الماضي، لكن العابرين لم يستعملوها في ظل الحديث عن أخطاء في التنفيذ، ولتبقى بأي حال هياكل باطون وواجهة للإعلانات
البقاع ــ رامح حمية
«والله يا إبني لو فيني إطلع ع الجسر ما كنت بخاطر بحياتي وبقطع الطريق ..بعدين من هون أسهل بدل ما إمشي مية متر حتى أوصل للجسر». تقول فاطمة مظلوم عبارتها وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها، بعدما قطعت على عجل أتوتوستراد بعلبك عند مفرق بلدة بريتال. مظلوم تجزم بأنها لا تمثّل «حالة استثنائية» بمجازفتها وقطع طريق بعلبك ــــ حمص الدولية، فهي تؤكد أنها لم تر «دومري» حتى اليوم يصعد إلى الجسر، من تاريخ إنشائه في العام الماضي، فيما خلا «اللي بيركّبوا يافطات إعلانية». وعليه، فجسور المشاة على أوتوستراد بعلبك الدولية أنشئت بعدما تصاعدت مطالبات أهالي المنطقة، وخصوصاً مع ارتفاع نسبة حوادث الصدم، فقد أُنشئ عدد من الجسور عند مدينة الصدر التربوية ومداخل بلدات بريتال وطليا والسفري ــــ النقطة الرابعة. إلا أن هذه الجسور لم يستخدمها المشاة، بل اقتصر استعمالها على تثبيت اللوحات الإعلانية للمؤسسات والشركات، ولتبقى مغامرات العبور من مسرب إلى آخر على أوتوتستراد بعلبك «مستمرة وأكثر من طبيعية»، على الرغم من حوادث الصدم التي تحصل على نحو شبه يومي، والتي يمر عدد قليل منها بسلام مع شوية رضوض والكثير من الكسور، فيما غالبيتها تحصد الأرواح، وآخرها حادث مأساوي حصل منذ يومين للشابين السوريين عبد الكريم خلف (19 عاماً)، وعلي عويد (21عاماً) اللذين اجتاحتهما سيارة بينما كانا يقطعان طريق بريتال ــــ بعلبك. إلا أن السؤال الذي يطرح: لماذا لا يستعمل المواطنون جسور المشاة ويفضلون المجازفة بحياتهم؟ الطالب أحمد الحاج حسن يعتبر أنه «يجرب حظه» عندما يقطع الطريق دون استعمال الجسر، مشيراً إلى أنه يفضل العبور بسرعة بدلاً من الصعود إلى الجسر، «بيكون قطع مية فان، وأنا بدي الدقيقة من غيمة».
المشاة الذين يغامرون بقطع الطريق بدون استخدام جسور المشاة بينهم عسكر
رئيس بلدية طليا طوني عزيز أوضح لـ«الأخبار» أن أسباب عدم استعمال جسور المشاة تعود في غالبيتها إلى عيوب تشوب المواقع التي اختيرت لإنشاء الجسور على أوتوتستراد بعلبك، مشيراً إلى أن الخلل يكمن في المسافة التي تفصل بين مداخل البلدات في بريتال وطليا، ومكان إنشاء الجسور، حيث تفصل بينهما مسافة تتراوح بين و100 250 متراً، وهو ما يدفع الناس إلى المخاطرة والمغامرة بحياتهم بقطع الطرق دون الاعتماد على الجسور لكونها الطريقة الأسرع بحسب رأيهم، مضيفاً أن هذه الجسور باتت عبارة عن هياكل من «الباطون بلا عابرين» تستعمل للإعلانات فقط. وأكد عزيز أن بلدية طليا تزمع خلال الفترة القريبة المقبلة على دراسة مشروع إنشاء جسر للمشاة في المكان المناسب بمجرد توافر الإيرادات المالية، على أن يبقى القديم «مجرد جسر للوحات الإعلانية بدلاً من المشاة» كما يقول عزيز.
من جهته رأى الزميل حسين درويش أن المشكلة تكمن في «وعي الناس لما يعنيه جسر المشاة، والاستخفاف بمدى أهمية هذه الجسور في تقليص نسب حوادث الصدم التي تحصل»، فهو لا ينكر أن أوتوتستراد بعلبك وجسور المشاة عليه لا تخلو من العيوب، لجهة فتحات التحويل من مسرب إلى آخر، وبعد المسافة بين مداخل البلدات والجسور، لكنه يؤكد أن «البلديات والمجتمع المدني والمدارس والجامعات يقع عليها عبء كبير لجهة التوعية وإبعاد شبح العقلية الجاهلة لوظيفة الجسور. فالمطلوب بحسب رأيه استخدام كل ما يمكن من لافتات وإعلانات وندوات ثقافية توعوية، «تشرح وتوضح من خلالها للأهالي والطلاب مدى أهمية هذه الجسور، وأن استخدامها يساهم مساهمة رئيسية في إيقاف حوادث الصدم لطلابنا وأهلنا.
المربي أحمد مهنا بدوره لم يخالف برأيه درويش، بل أكد أيضاً على الدور الكبير لحملات التوعية، مضافاً إليها خطوات واقعية كـ«حثّ الدولة على وضع حواجز حديدية في وسط الأوتوستراد لمنع المشاة من عبورها واستعمال الجسور».
إلا أن اللافت بين كل المشاة الذين يغامرون بقطع طريق بعلبك بدون استخدام جسور المشاة، هم أولئك العسكريون بينهم، وخصوصاً عند مفرق بلدة بريتال، ومن كل الأجهزة الأمنية، الذين يجب عليهم أن يكونوا قدوة ومثالاً للمواطنين، لكنك تبصرهم وهم «يتنططون» حاملين حقائبهم وأكياسهم بين مسرب وآخر، في مجازفة خطيرة بعيدة كل البعد عن أي معيار من معايير السلامة.