لبنان ليس بلداً كبيراً. لكن رغم ذلك، رأى طلاب قسم الإعلام في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا أن فيه الكثير من المساحات البعيدة عن الضوء. هكذا كان مشروعهم الأكاديمي الأخير فرصة لهم للتعرف إلى الأماكن بعين «سياحية». التقطوا كاميراتهم، وصوّروا بعض المناطق المنسية
أحمد محسن
ينقصنا الكثير لنتعرف إلى لبنان. يبدو أن الإعلانات التلفزيونية والملصقات الدعائية التي تنشرها وزارة السياحة غير كافية حتى الآن. الجميع يعلم بوجود عوائق تمنع الانتقال من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية. ولا يعني ذلك أن الطرق مقطوعة، لكن العوائق الثقافية والاجتماعية ـــــ والسياسية طبعاً ـــــ تحول دون الاختلاط الكافي. هذا ما أراد طلاب قسم الإعلام في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا (AUST) تخطّيه. ففي مشروعهم الأخير، تسلّحوا بالكاميرات، ودخلوا إلى المناطق المنسية. كانت الصوّر التي اصطفّت في معرضهم شاملة تماماً. دخلوا قرىً بعيدة. السياح عادةً يبحثون عن رموز. يرتادون الأماكن الذائعة الصيت. لكن، ماذا عن السياحة الداخلية؟ المعرض الطالبي قدم بعض الإجابات.
صورة بشامون محيرّة. مدينة أم قرية؟
فإذا استثنينا بعض الصور للمدن الكبرى، كبيروت وصيدا وجبيل وصور إلخ... يمكن القول إن المعرض نجح في اقتطاف بعض المشاهد المظللة بقلة الضوء الإعلامي. هكذا، تستريح سهول الخيام في إحدى الصور. الخيام، البلدة المستكينة على أطراف مرجعيون، ترمز في نظر كثيرين إلى زمن الاحتلال الإسرائيلي. يكاد اسمها يقترن بالمعتقل الفاشي القديم الذي أقامه الاحتلال فوق تلالها. في الصورة، المنظر مختلف. يستريح اللون الأخضر بلا تكلّف. في تلك الصورة، لا تختلف الخيام عن توسكانا مثلاً. أخيراً، اهتدت عدسة أحدهم إلى السهل الجذاب. وفي صورة أخرى، تستعيد بلدة بينو العكارية طلّتها المفقودة، بحكم صيت الحرمان الذي يلف قضاء عكار إجمالاً. حرمان القضاء لا يعني خسارته مزاياه الطبيعية. بينو ريفٌ حقيقي. بشامون أيضاً. صورة بشامون محيرّة. مدينة أم قرية؟ معلم سياحي أم ضيعة تقليدية؟ الطرقات منظّمة، والبيوت قرميدية. الأشجار كثيرة وأعمدة الإنارة المرتبة أيضاً. المظهران معاً: الطابع الحداثوي للمدينة الجديدة، ورائحة التراث العابقة. كل هذا في صورة. دير ميماس هي الأخرى حظيت بلفتة إحدى أو أحد الطلاب، إذ يرزح أحد بيوتها القديمة صامداً في وجه التغيّر العمراني الحاد الذي أصاب لبنان. وبعيداً عن صلابة الحجر الملوّن بالنوافذ الزرقاء في دير ميماس، تلفت صورة لوادي قنوبين النظر سريعاً. نجح الطالب في اقتناص الماء الراكد بين مجموعة من الصخور المحاصرة باخضرار المكان.
رلى، الطالبة التي شاركت في المشروع، تحمل لقضاء الشوف محبةً خاصة. كان هدفها الإضاءة على الجماليات المفقودة في تلك المنطقة. أرادت أن تقول إن الشوف ليس بيت الدين فقط، وإن الجميع يجب أن يأتي إلى الشوف. واستغلت رلى فرصة حضور وزير السياحة إلى معرض الجامعة، لتؤكد أن هدفها، كمشاركة، هو تعريف السياح بالدرجة الأولى إلى مساحات متاحة كثيرة، وتالياً، دعوة زملائها إلى جنتها الصغيرة. الطالبة المتحمّسة الأخرى، اتجهت جنوباً. هي من بيروت، لكنها فضّلت البحث في الجنوب، في ضواحي القرى تحديداً. برأيها، في الساحل الجنوبي ما يستحق الضوء، من أناس طيّبين تجاوبوا جميعاً، وأشجار رفرفت للعدسات، إلى منازل لم تزرها الكاميرات سابقاً. تعتقد جيداً أن تكرار هذه المشاريع يدمّر أي حدود طائفية بين اللبنانيين، افتراضيةً كانت أو حقيقية. بدوره، لم يبتعد الطالب مهير ماروديان عن منزله كثيراً. الناس تعرف القليل عن برج حمود. برأيه، برج حمود ليس مكاناً للتسوّق أو سوقاً للصاغة وحسب. ثمة حياة هناك.


عبود سيجمع الملصقات

رعى وزير السياحة فادي عبود افتتاح كلية الفنون والعلوم في جامعة (AUST) معرضها الإعلاني السنوي بعنوان «هيدا لبنان». ونقل طلاب من المشاركين في المعرض عن الوزير ترحيبه البالغ بالمناظر التي صوّرها الطالب، إضافةً إلى نيّته جمعها في كتاب، ضمن الحملات السياحية التي تقوم بها وزارة السياحة أخيراً. وحضر الافتتاح رئيسة الجامعة هيام صقر، ونائب الرئيس للشؤون الأكاديمية نبيل حيدر، وعميد كلية الإعلام جورج فرحة، والهيئتان الأكاديمية والإدارية وجمع من الطلاب. وفي هذا السياق، أثنى الطلاب على دور فرحة في إنجاح النشاط وتشجيعه المستمر لهم للقيام بنشاطات مشابهة من شأنها رفع مستواهم الأكاديمي والمهني، علاوةً على دورها التنموي ثقافياً.