زغرتا ــ فريد بو فرنسيستتوقّف «المرسيدس» السوداء إلى يمين الطريق الواصلة بين مدينتَي زغرتا وطرابلس. يترجّل السائق منها. يفتح صندوقها الخلفيّ، ويسحب كيسين كبيرين من النفايات ويرميهما إلى جانب الطريق. ليس وحده من يفعل ذلك صبيحة كل يوم، وهو متوجّه إلى عمله، فالكلّ بات يحمل ما تيسّر من نفايات في منزله ليرميها عند هذه الطريق. هكذا، أصبحت الطريق الرابطة بين مدينتين مكبّاً للنفايات. لا يمكن قاصد طرابلس من جهة زغرتا الهروب من المشهد المقزّز، حيث تتكدّس أكوام من النفايات. ولعل المضحك في هذا المشهد ليس أكوام النفايات فحسب، بل أيضاً اللافتة التي تدعو المواطنين إلى عدم «رمي النفايات تحت طائلة المسؤولية». فأين هي هذه المسؤولية؟ لكن الأخطر من ذلك، هو أنّ هذه النفايات لم تعد محصورة في بقعة محددة من الطريق، كما كانت سابقاً، فقد تمدّدت المشكلة، وبدل المكب الواحد بتنا نرى عدّة مكبّات موزّعة على عدّة نقاط، التي أصبحت بالتالي ملجأً للكلاب الشاردة التي تعبث بالنفايات، ملقيةً بها وسط الطريق، ومعرّضة حياة المارّة لخطر حوادث السير. هذه الطريق التي من المفترض أنها تربط بين مدينتين، باتت سيئة إلى درجة أنّ البعض بدأ يشكو من الروائح الكريهة للنفايات المرمية هناك. وهنا، يشير إلياس، أحد العابرين على الطريق، إلى أن «ترك النفايات بهذه الطريقة غير الحضارية أو اللائقة يتسبّب بروائح كريهة، نتيجة تخمّر النفايات تحت أشعة الشمس الحارقة، وتكاثر الحشرات السامّة». يضيف: «الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فغالباً ما تتسبّب الحرارة المرتفعة باشتعال النفايات».
فمَن المسؤول إذاً عن معالجة هذه المشكلة المستمرّة منذ سنوات طويلة؟ بدايةً، تقع هذه الطريق ضمن نطاق بلدية مجدليا، وتمتدّ على مسافة نحو كيلومتر، وهي شبه خالية من أيّ حياة، ولا توجد فيها أيّ مبانٍ سكنية على الإطلاق. تلك المنطقة الخالية من الحياة، تعاني مشاكل كثيرة، إضافةً إلى غياب الاهتمام بها، ومنها مشكلة الإنارة ليلاً، ما يتسبّب بحوادث سير كثيرة. وفي هذا الإطار، يشير رئيس بلدية مجدليا المحامي إبراهيم حرفوش إلى «أن البلدية لا تستطيع فعل شيء، كما أنّ مصدر تلك النفايات هو من خارج القضاء، ولا نستطيع مراقبة حركة الناس دائماً وباستمرار، وليس بمقدورها وضع شرطي في المكان على مدار الساعة، لأنه ليس لديها إلّا شرطي واحد في ملاكها». يضيف «لقد حذّرنا مراراً وتكراراً من رمي النفايات في تلك المنطقة، وعقدنا سلسلة لقاءات بهذا الخصوص، ولكن في النهاية هذا الأمر فوق قدرة البلدية، ولا تستطيع تحمّل أعبائه المادية، في موازنة سنوية لا تصل إلى حدود الستين مليون ليرة». ويختم «باختصار، تبقى المسألة أولاً وأخيراً مسألة أخلاق عند المواطن».