بين ظلم المعتقل الفرنسي وإهمال لبنان الرسمي، يستمر اعتقال المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبد الله منذ 26 عاماً. اعتصم محبّوه ومناصروه أمس أمام وزارة العدل، وقدموا للوزير مذكرة بمطالبهم، وذلك على وقع صرخات «الحرية» التي وصل صداها إلى باريس
محمد نزال
«هو مواطن لبناني، عمل على طريقته بواجب الدفاع عن وطنه بوجه العدو الصهيوني، بعدما تخلّت دولته عن واجب الدفاع في الثمانينيات». هكذا يُعرّف جوزف عن شقيقه جورج إبراهيم عبد الله، المعتقل «تعسفياً» في السجون الفرنسية منذ 26 عاماً.
«لن نملّ من المطالبة بالإفراج عن جورج، وعلى الدولة اللبنانية أن تعي مسؤولياتها تجاهه»... كلمات رددها جوزف في الاعتصام الشعبي الذي أقيم، أمس، أمام وزارة العدل في بيروت، وذلك على وقع عبارة «الحرية لجورج» التي صدحت في أروقة الوزارة وقصر العدل المحاذي لها.
رفع المعتصمون لافتات وصوراً لعبد الله، ومنها صور له أثناء اقتياده في كانون الأول عام 2009 الى محكمة الجنح في مدينة «تارب» الفرنسية، بسبب رفضه آنذاك طلب السلطات إجراء فحص الحمض النووي للمرة الثانية!
أثناء الاعتصام، اجتمع أعضاء من «الحملة الدولية للإفراج عن جورج عبد الله» بالمدير العام لوزارة العدل القاضي عمر الناطور، فسلّموه مذكرة موجهة إلى وزير العدل إبراهيم نجّار. أكد جوزف للقاضي الناطور أن هذا الاعتصام «هو جزء من حركة متصاعدة ومستمرة، ولن تتوقف قبل أن ينال جورج عبد الله حريته»، مطالباً بأن لا يكون طرح قضية شقيقه شفهياً خلال اللقاءات «بل بشكل موثق ورسمي، لأن المطلوب أن نتلقى جواباً خطياً من الجانب الفرنسي لكي يبنى على الشيء مقتضاه، مع قناعتنا بأن الجانب الفرنسي سيجيب سلبياً كما حصل في العديد من المرات السابقة، وبناءً عليه فإن الحملة الدولية تتجه إلى المطالبة بتقديم ملف عبد الله الى الأمم المتحدة، وإلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، باعتباره اعتقالاً تعسفياً».
من جهته، أعلن القاضي الناطور أن الوزير نجار والتي تلاها حسن صبرا «سبق له أن أثار الملف مع وزيرة العدل الفرنسية السابقة رشيدة داتي، كما أثاره مع وزير العدل ميشال إليو ماري التي زارت بيروت أخيراً»، متعهداً برفع المذكرة الى الوزير لكي يصار الى متابعة الموضوع على نحو رسمي.
وجاء في المذكرة الموجهة إلى الوزير نجّار، أنه «نعتصم اليوم لنطالب وزارة العدل بالعمل على تبني قضية المناضل جورج ابراهيم عبد الله، حيث يجمع المتابعون لملفه القانوني على أن استمرار اعتقاله يعتبر تعسفياً ومخالفاً للقوانين الدولية، وتجاوزاً لاحتمالات القضاء الفرنسي». وورد في المذكرة تشديد على مطالبة وزارة العدل بـ«المبادرة إلى الطلب رسمياً من السلطات الفرنسية، وفق الأسس الدبلوماسية المرعية الإجراء، تقديم توضيحات بشأن الأسباب الحقيقية التي تستند إليها لإبقاء جورج عبد الله في سجنه، بالرغم من استيفائه الشروط المطلوبة لإطلاق السراح المشروط، منذ عام ١٩٩٩، فمن المعلوم أن هذا الاحتجاز يستند الى قرار سياسي تتحمل مسؤوليته الحكومة الفرنسية من الناحيتين القانونية والأخلاقية، ويضع القضاء الفرنسي أمام استحقاق إثبات استقلاليته ورفضه للضغوط الأميركية والإسرائيلية». وتضمنت المذكرة أسفاً لناحية «إهمال الحكومات اللبنانية المتعاقبة (باستثناء حكومة الرئيس سليم الحص الأخيرة)، أهملت قضية جورج عبد الله، وهذا التقصير المتعمد لا يمكن فهمه إلا من زاوية التعاطي مع السلطات الفرنسية بصفتها منتدبة على لبنان، وفي حال عدم استجابة السلطات الفرنسية لهذا المطلب، ندعو وزارة الخارجية الى اقتراح مشروع قرار أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يدين استمرار اعتقاله التعسفي».


رفع الصوت في باريس

دعت مجموعة جمعيات ناشطة إلى تجمع أمام وزارة العدل الفرنسية في باريس لـ«المطالبة بالإفراج الفوري» عن عبد الله. وجاء في بيان باسم «تجمع من أجل إطلاق سراح جورج إبراهيم عبد الله» و«جمعية نداء من أجل سلام عادل في الشرق الأوسط ـــــ المجموعة الأوروبية الفلسطينية» وجمعية «ضربة مقابل ضربة» وحركة «مساندة المقاومة الفلسطينية» والحزب «الجديد» المعادي للرأسمالية الذي يرأسه أوليفييه بوزانسونو، أن عبد الله يقبع في السجون الفرنسية بسبب «أعمال حركته المعادية للصهيونية»، رغم أنه بات يمكن الإفراج عنه منذ عام ١٩٩٩، وأن سبب هذا التمنع من قبل السلطات الفرنسية هو رفضه التنكر لنضاله، وبالتالي فإن «فرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة باتت لا تستطيع الإفراج عنه لأنه مثال للمقاومة الفلسطينية واللبنانية».