مشاريع قوانين كثيرة تتعلق بالمغتربين لا تزال في أدراج مجلس النواب. وأمس، أعيد وضعها في التداول بحضور «الفئة المستهدفة»، أي المغتربين أنفسهم، الذين أتوا من مختلف مهاجرهم لحضور مؤتمر «لبنان الكوكب». بدا واضحاً أن آلية اقتراعهم في بلدان الاغتراب وضعت على نار حامية، أما استعادتهم الجنسية وحق المرأة المغتربة بمنح جنسيتها لأولادها فدونها مشاريع قوانين متناقضة
بسّام القنطار
حل مؤتمر «لبنان الكوكب» ضيفاً على المجلس النيابي، في حوار مباشر مع نواب الأمة، اختتم بجلسة شارك فيها وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، ناقشت مشاريع القوانين المتعلقة بالمغتربين اللبنانيين، ومن ضمنها البطاقة الاغترابية،

آلية اقتراع المغتربين في عام 2013، استعادة الجنسية اللبنانية للمنحدرين من أصل لبناني، وحق الأم اللبنانية المغتربة بمنح أولادها وزوجها الأجنبي جنسيتها اللبنانية، اضافة الى تمثيل المغتربين في مجلسي النواب والوزراء.
ينظم هذا المؤتمر المجلس الاغترابي اللبناني للأعمال، وعلى عكس بقية الهيئات التي تستهدف الاغتراب، لا يعاني هذا المجلس الذي يضم ما يزيد على 500 رجل أعمال مغترب، من انقسام في صفوفه.
سمع المغتربون الكثير من الكلام الجميل على امتداد اعمال مؤتمر «لبنان الكوكب»، الذي تحدث فيه ما يزيد على ثلث الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية، في وقت حلّ فيه الرئيس سعد الحريري ضيفاً على حفل العشاء أول من أمس. لكن اللافت أن التوصيات التي تقدّموا بها هي نفسها تقريباً التوصيات التي رفعوها في مؤتمر بيروت عام 2004، من إنشاء بيت المغترب الى انشاء المجلس الأعلى للمغتربين والبطاقة الاغترابية وتحفيز الاستثمار وغيرها من التوصيات التي لا تزال حبراً على ورق وليس معلوماً ما إذا كان بعضها سينفّذ هذا العام.
تخصيص المغتربين بمقاعد نيابية يحتاج إلى تعديل دستوري
رئيس المجلس الاغترابي نسيب فواز طالب وزارة الداخلية بالإسراع في إقرار آلية اقتراع اللبنانيين غير المقيمين تطبيقاً لقانون الانتخابات الذي أقر هذا الحق وحدد انتخابات عام 2013 موعداً لتنفيذه. فواز الآتي من ولاية ميتشغن الأميركية، لفت الى ان القنصليات اللبنانية لن يكون بوسعها استيعاب أعداد المقترعين في مقارّها، ولذا اقترح اعتماد آلية الاقتراع عبر الانترنت.
وفي وقت كان فيه فواز يقدم اقتراحه، أسند الوزير بارود يده الى خده وابتسم، قبل أن يجيب حاسماً استحالة تطبيق هذه المسألة لا لصعوبتها فقط، بل لكونها لا تتمتع بصدقية. فالتصويت الإلكتروني طبق في 3 دول حول العالم هي بلجيكا وفرنسا والبرازيل، وفيما تخلت الاولى والثانية عنه، لا تزال البرازيل وحدها تطبقه. ولفت بارود الى ان السبب الرئيسي في عدم اعتماد الاقتراع الالكتروني هو في امكان اختراقه، ما يهدد سلامة العملية الانتخابية وصدقيتها. ولفت بارود الى ان تضمين قانون الانتخابات حق المغتربين في الاقتراع اعتبر انجازاً، لكنه في النهاية حق طبيعي، وكان يمكن ان يتم صدور مرسوم ينظم هذه العملية وليس تضمينها في القانون، لكن الاصرار على تضمينه في القانون كان من قبيل تأكيد هذا الحق وتثبيته.
وبحسب بارود، فإن قانون الانتخابات أقر الآلية التفصيلية لعملية اقتراع غير المقيمين، معلناً عن انعقاد اجتماع الاثنين المقبل لاستكمال النقاش في مختلف المسائل التقنية المتعلقة بهذه المسألة، بحضور خبراء من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. مشيراً الى ان هذه من المرات القليلة التي يكون لدى وزارة الداخلية الوقت الكافي لتنظيم مسألة انتخابية.
أما لجهة تمثيل المغتربين من خلال مقاعد خاصة في المجلس النيابي، فلفت بارود الى أن هيئة التشريع والاستشارات ترى ان هناك اشكالية في تخصيص المغتربين بمقاعد نيابية لأن النائب وفق الدستور يمثل الأمة جمعاء. بدوره أقر مقدم اقتراح القانون المتعلق بتمثيل المغتربين نعمة الله ابي نصر بهذا الأمر، وأعلن خلال المؤتمر أن هذا المشروع لم يدخل حيز التنفيذ لأنه يحتاج الى تعديل دستوري، مطالباً بأن يوضع ضمن رزمة التعديلات الدستورية المقترحة لإقرارها دفعة واحدة.
مشاريع القوانين التي تقدم بها سابقاً النائب ابي نصر كانت محوراً أساسياً في النقاش خلال المؤتمر. المدقق في هذه المشاريع وفي طريقة ابي نصر في الدفاع عنها يجد تناقضاً فاضحاً في الأسباب الموجبة والآليات. فمشروع البطاقة الاغترابية الذي ارسله مجلس الوزراء الى المجلس النيابي منذ بداية العام الجاري، يعتبره ابي نصر غير مكتمل لأنه لا يتضمن تعديلاً يجيز منح الجنسية لمن يحصل على البطاقة الاغترابية خلال عشر سنوات من اكتسابها. ومن البطاقة الاغترابية الى البطاقة الخضراء الذي تقدم بها أبي نصر بديلاً من اقتراح تعديل قانون الجنسية لمساواة المرأة اللبنانية بالرجل لجهة رابطة الدم التي تمنح على أساسها الجنسية، نجد ان ابي نصر يشدد على أن البطاقة الخضراء لا يمكن أن تؤدي ولا بأي شكل من الاشكال الى اكتساب الجنسية اللبنانية مهما تقادم الزمن على منحها. فيما رأى بارود في مشاريع القوانين هذه «محاولات تشريعية للحد من الأضرار». كما أعلن بارود ان وزارة الداخلية نفضت الغبار عن 7000 ملف لاستعادة الجنسية مستحقة وفقاً للقانون رقم 67/68 وأن الوزارة أنجزت 4632 ملفاً منها «علماً بأن أصحاب هذه الملفات غالبيتهم توفّوا، لكن بمجرد استعادتهم لجنسيتهم يستفيد أولادهم وأحفادهم من هذا الحق». ولفت بارود الى أن استعادة الجنسية لمستحقيها يعني الجميع، لكن المبالغة والحديث عن ملايين من الناس هو أمر غير صحيح، فالموضوع يرتبط أساساً بالرغبة في استعادة الجنسية، إضافة الى امكانية الحصول على الوثائق التي تثبت هذا الحق.