رامي زريقلا يزال لبنان يفتقر إلى سياسة غذائية زراعية تهدف إلى استدامة الأرياف وتأمين العيش الكريم لسكانها ووقف النزيف الذي يشكو منه القطاع الزراي بفعل نزوح المزارعين إلى المدن تحصيلاً للرزق. وبالرغم من الأداء المتميز لوزارة الزراعة الحالية، مقارنة بسابقاتها، إلا أن المقاربة السائدة للتنمية الزراعة لا تزال مبنية على شريعة الأسواق المفتوحة التي يسيطر عليها قلة من المستثمرين، ويصعب، لا بل يستحيل على الفلاحين الذين يفتقدون رعاية الدولة ودعمها، ولوجها. ومع أن الوزارة الحالية قد نجحت في التصدي لبعض تجار الأغذية الفاسدة والأدوية المزوّرة (علماً أن ذلك هو الطبيعي في البلدان الأخرى حيث تقوم كل جهة مسؤولة بواجباتها من دون أن تستحق التصفيق!)، إلا أن الأسئلة الكبيرة الخاصة بقطاعها لا تزال مطروحة ولا نرى بوادر لحلها، وهي: تقلّص الدخل الزراعي، تفتيت الأراضي التي يملكها الفلاحون وانتقال العقارات الكبرى من أيدي أغنياء إلى أيدي من هم أغنى، تدهور الموارد الطبيعية وخاصة المياه الجوفية، التي يرتبط استنزافها بانتشار الزراعات التصديرية. بالإضافة إلى كل ذلك، لا يزال العمال الزراعيون الذين يعيشون على هامش حلقة المهمشين يفتقرون إلى قانون يحميهم أو نقابة تدافع عن حقوقهم، بينما يروون بعرقهم ودمهم منتجات نتغنى بمذاقها الطّيب والطازج. في المقابل، لا نزال نحتفل بزيادة كمية الصادرات الزراعية التي تدعم الدولة شحنها عبر ضرائب تفرضها على الفقراء، ولا يستفيد من تصديرها سوى حفنة من التجار، وكأنه إنجاز عظيم، من دون الالتفات إلى واقع الفلاح العالق بين «الشلهوبة» والأمراض، وكأن المال سيرشح عليه كلما تزايدت أرباح الأثرياء. مهلاً! أليس هذا هو المعتقد الأساسي للنيوليبرالية؟