صور ــ آمال خليليسود شعور بين الأهالي في جناتا (قضاء صور) بأنهم يعامَلون كأقلية ضعيفة وسط محيط أكثري نافذ. مكمن الشعور يعود إلى أن بلدتهم «صغيرة بمساحتها وعدد سكانها ومواردها»، وأنهم لم يحظوا بمجلس بلدي إلا أخيراً.
هذه النظرية ليست عابرة في جناتا، وهي لا ترد على ألسنة الأهالي فحسب، بل إن أكثر من يحمل لواءها هو رئيس البلدية نفسه يوسف الحسيني، الذي يعتمد في برهان ذلك على ثلاث مشكلات حيوية تواجه البلدية، التي أنهت للتو شهرها الثاني، مع جارتها معروب. ولما ظنّ أنّ أواصر الجيرة و«مونتها» كافية لتسوية الأمور، تبيّن له أنّ قائمقامية صور ووزارة الداخلية أقرب له من لقاء مجلس بلدية معروب، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
المشكلة الأولى تتمثّل في قرار الضم الإداري الذي أصدره وزير الداخلية الأسبق ميشال المر عام 2000، والذي قضى بضمّ جزء من بلدة جناتا إلى معروب التي مذّاك تقوم بتسيير أعماله وجباية مسقّفاته ومستحقاته البلدية. وإذ أصدر وزير الداخلية الحالي زياد بارود في شهر أيلول من العام الماضي قراراً حمل الرقم 2437 نص على إنشاء بلدية في جناتا تكون حدودها هي الحدود العقارية للبلدة، فإن إعادة العقار إلى جناتا يصبح واجباً. لذا حاول الحسيني مقابلة نظيره رئيس بلدية معروب «لتسوية الأمر حبيّاً من دون اللجوء إلى تقديم شكوى»، إلّا أنّه لم يوفّق كما قال. علماً بأنّ العقار «المتنازع عليه» والبالغة مساحته أكثر من 200 دونم، يقع بين البلدتين، ويضم عدداً مهمّاً من المؤسسات الصناعية والتجارية التي «تدرّ أرباحاً مختلفة على البلدية التي تقع في نطاقها» يلفت الحسيني.
إشارة إلى أنّ الحب والجيرة كانا ليحلّا برأي الحسيني، مشكلتين أكبر تعانيهما جناتا، هما الصرف الصحي ومكب النفايات. فالمياه المبتذلة التي تنحدر من معروب باتجاه بحر صور مروراً بجناتا وجاراتها عبر شبكة الصرف الصحي، تعثرت عند حدود معروب العقارية بمحاذاة الوادي الفاصل بين البلدتين. والسبب يعود إلى أن «مالك إحدى الأراضي ضمن العقار يقوم باستصلاحها وجرفها، ما أثّر في إمدادات الشبكة وأقفل قنواتها» يشير الحسيني. وعليه لم تعد المياه المبتذلة تجد مصرفاً لها وأخذت تطفح إلى سطح الأرض وتكوّن جداول ومستنقعات وشلالات طبيعية تهدّد المياه الجوفية، وتمثّل خطراً أكبر إذا لم تعالَج قبل حلول الشتاء. من جهة أخرى، يتهم الحسيني المتعهد الذي نفّذ أشغال الشبكة بأنه لم ينجزها بالشكل المطلوب، في إشارة إلى وجود مسارب عميقة مفتوحة من دون أغطية.
وفي الوقت الذي تنفق فيه بلدية جناتا نحو مليوني ليرة شهرياً مقابل جمع نفاياتها ونقلها إلى مكب نفايات رأس العين، ترمي بلدية معروب النفايات في عقار يقع في خراجها وهو مقابل لجناتا قبل حرقها، ما يحمل الدخان والروائح الكريهة إليها.
من جهته، أقرّ رئيس بلدية معروب حسين فنيش في اتصال مع «الأخبار» بالخلل الكامن في بعض مقاطع شبكة الصرف الصحي، مؤكّداً أنه سيتخد إجراءً قانونياً بحقّ المتعهد المسؤول. أما مكبّ النفايات، فإن البلدية أوقفت رمي النفايات فيه بعد عودتها إلى المكب الأصلي الذي ترمي فيه منذ سنوات، إلا أنها استحدثت المكب الثاني «كبديل مؤقت ريثما تنجز أعمال تعبيد الطريق إليه». أما في ما خص قرار الضمّ الإداري، فقد طالب المحامي فنيش جيرانه في جناتا «باتّباع الأصول القانونية والاعتراض أمام وزارة الداخلية لإلغائه»، مستغرباً أساليب الضغط «التي تتّبعها بلدية جناتا لما تشيعه بين الأهالي من أزمات».
وفيما قدّم الحسيني شكوى إلى قائمقام صور بمشكلتي النفايات والصرف الصحي، يستعدّ المجلس البلدي للاعتراض أمام وزارة الداخلية على قرار الضم الإداري. وإن كانت نظرية «القوي يأكل الضعيف» تسيطر على النهاية المتوقعة للأزمة بين الجارتين. إذ يشير البعض إلى أن النفوذ الذي تتمتع به معروب، في مقابل الغبن اللاحق بجناتا «قد يفوز وتبقى الحال على ما هي عليه».