وفيق الهواريللوصول إلى قرية عين الدلب عليك المرور في سوقها التجاري، الذي ازدهر خلال العقد الأخير، وخصوصاً المحال المختصة ببيع الألبسة الجاهزة. ينتمي أصحاب هذه المحال إلى مناطق مختلفة، جمعهم سوق تجاري يواجه إشكالية موقعه العقاري في قرية القريّة التي تلتف أراضيها حول قرية عين الدلب.
هذا الموقع حرم أصحاب المحال الخدمات، كما يقول إيلي شلهوب: «أنا من القريّة، فتحت محلاً تجارياً هنا، واكتشفت أن محلي يتبع القريّة التي تفصلنا عنها عين الدلب نفسها. لذلك لا نعرف من المسؤول عنّا». أما علي رمضان القادم من بلاط ـــــ مرجعيون والمقيم عند مدخل عين الدلب، فيشير إلى إشكالية موقع محله التجاري «لأنه يقع في منطقة القريّة العقارية، التي لا تعترف بنا ولا تقدم لنا الخدمات، وعلينا استئجار عمال لتنظيف الرصيف التجاري المحاذي لمحالنا. ومع ذلك، علينا دفع الرسوم البلدية الواجبة لبلدية القريّة». ويقارن جارهما فادي جبور (عين الدلب) بين موقع بيته في قرية عين الدلب حيث تقدم له جميع الخدمات البلدية، فيما «لا يلتفت إلينا أحد هنا، وعلينا توفير الخدمات بأنفسنا، شأننا شأن جميع السكان الذين يقطنون في مواجهة محالنا وتقع بيوتهم في أراضي القريّة وتفصلهم عن بلديتها قرية عين الدلب».
وفي اتصال هاتفي مع رئيس بلدية القريّة مارون ديب، أكد أن البلدية تقوم بواجباتها تجاه السوق التجاري في عين الدلب، الموجود معظمه في النطاق العقاري للقريّة. كذلك فإن البلدية، حسب قول ديب، تنظّف الشارع الرئيس وتجمع النفايات بالتعاون مع بلدية عين الدلب.
لكن يبدو أن ديب كان يتحدث عن المرحلة المقبلة، متجاهلاً سؤاله عن خدمات البلدية للسوق التجاري في عين الدلب خلال المرحلة السابقة. فقد وافق رئيس بلدية عين الدلب ياسر سميا على ملاحظات أصحاب المحال، مؤكداً نيّة بلديته تقديم مختلف الخدمات إلى أصحاب المحال وسكان المنطقة التابعة للقريّة والملاصقة لقرية عين الدلب، «على أن تُجرى المحاسبة المالية لكلفة الخدمات مع بلدية القريّة. ولقد اتُّفق مع بلدية القريّة، وسنباشر ذلك في أسرع وقت ممكن». ولا يكتفي سميا بذلك، بل يضيف «كذلك فإننا في صدد فتح نقاش مع أصحاب المحال من أجل وضع خطة لتطوير السوق التجاري ومساعدتهم على توسيع أعمالهم الإاقتصادية حتى لا يبقى الوضع على حاله بل ليتطور بطريقة أفضل».
الطريف أن مبنى البلدية ذاته يقع في منطقة القريّة العقارية، لذلك يرى سميا أن الأولوية للمجلس البلدي «تكمن في استملاك أرض لبناء مركز بلدي يحوي، إلى جانب المكاتب، قاعات لنشاط ثقافي ورياضي، وقد رصد مبلغ للاستملاك، والأرض المقترحة هي ملك خاص، ونحن في انتظار صدور حكم الاستملاك لنبدأ عملنا». ويهتم سميا بجانب آخر يرى فيه أولوية أيضاً، وهو تنظيم نشاط ثقافي اجتماعي يسعى إلى التواصل مع مغتربي القرية والنازحين إلى بيروت.
ويشير سميا إلى أن رؤيته للعمل البلدي، وهو القادم من رئاسة نادي عين الدلب، تعتمد على أهمية الشفافية المؤسساتية والمشاركة. «سيكون من حق المواطن أن يطّلع على كل القرارات وطريق صرف الأموال ووجهة صرفها. كذلك سنسعى إلى إشراك أهالي عين الدلب في اللجان الاختصاصية مثل لجنة صحية (خدمات صحية، وقاية، تأمين أدوية للأمراض المزمنة)، اجتماعية (مساعدة المحتاجين)، اقتصادية (تطوير السوق التجاري)، شباب ورياضة ولجنة تواصل مع المغتربين. وعن المقيمين من غير أهاليها يؤكد سميا أن البلدية لا تفرّق بين أهالي عين الدلب والمقيمين فيها، «وكل ما نطلبه من الذي يودّ السكن في النطاق العقاري لعين الدلب أن لا يجري أي تغيير في الطابع الريفي للقرية، بل يلتزم بالنمط البنائي والاجتماعي للقرية، ويحترم طبيعتها وبيئتها، كذلك احترام التقاليد والعادات السائدة فيها». وينهي حديثه بالقول «ما زلنا في بداية الطريق، والنظر إلى العمل البلدي من الخارج غير الذي يمارسه من داخل المؤسسة، فنرجو أن نوفّق في عملنا، وشرط النجاح إشراك المواطنين في العمل البلدي».