لم يتردّد أهالي بلدة شمسطار في اتهام مؤسّسة مياه البقاع بالتواطؤ مع المعتدين على مسارب مياه اليمّونة، فيما عجزت استخبارات الجيش عن قمع المخالفات بسبب تغيّب موظفي المؤسسة
البقاع ـ رامح حمية
لم تمنع موجة الحرّ زينب الحاج حسن من اصطحاب أطفالها الخمسة إلى الاعتصام الذي نفّذه أهالي شمسطار احتجاجاً على انقطاع مياه اليمّونة بسبب تعديات المزارعين عليها. تقول السيدة الأربعينية بغضب: «هيدي الله ما قالها، إنو نبقى محرومين من الماي أكثر من شهرين ويبلّش رمضان عنّا قبل غيرنا». هذان الشهران، اضطرت الحاج حسن إلى دفع مبلغ لم يكن في الحسبان أي بمعدّل 30 ألف ليرة لبنانية كل يومين، متّهمة مؤسسة مياه البقاع والقوى الأمنية بأنهم «بيتبرطلوا وبيقبضوا ليسكتوا عن سرقة الماي».
اعتصام الأهالي جاء نتيجة استمرار انقطاع مياه اليمّونة عن قرى شمسطار وطاريّا وحدث بعلبك، وعدم التقيّد بالبرنامج الذي اتُّفق عليه الأسبوع الماضي في مبنى مؤسسة مياه البقاع في زحلة، بين رؤساء بلديات بوداي وشمسطار وطاريا والمدير العام للمؤسسة مارون مسلم، وبحضور ممثل عن الاستخبارات في الجيش اللبناني (راجع «الأخبار» عدد رقم 1179).
وبدا لافتاً في الاعتصام ما فعله أحد الأطفال، حين حمل قنينة مياه فارغة في إشارة إلى تأزّم المشكلة. وكان المعتصمون قد تجمّعوا قرابة الواحدة من بعد ظهر أمس عند مدخل بلدة شمسطار قاطعين الطريق العام الذي يؤدي إلى باقي قرى غرب بعلبك. هؤلاء رفعوا لافتات تنتقد «التجاهل الرسمي لمشكلة التعدي على مياه اليمونة وقطعها بطريقة قسرية عن أكثر من 15 قرية».
ووصف المشاركون ما يجري «بالمهزلة والمؤامرة على الناس الصابرين»، مؤكّدين أنّ مطلبهم لا يتجاوز توفير مياه الشرب. وفي الاعتصام، ردّدت النسوة والأطفال «وين الماي يا نواب استحوا نحنا أهلكم».
الشعارات المرفوعة لم تغفل سؤال وزير الطاقة ورؤساء الجمهورية والحكومة والنواب عن صمتهم على التعدي على المياه، وعدم معالجة مكامن الخلل والسرقة لمياه اليمونة بصورة جديّة. وتلا رئيس بلدية شمسطار سهيل الحاج حسن بياناً ناشد فيه وزير الطاقة والمياه جبران باسيل توفير المياه لأهالي قرى غرب بعلبك، البالغ عددهم نحو 600 ألف نسمة، وذلك بموجب الاتفاق الذي وقِّع في مصلحة مياه البقاع، إضافةً إلى توفير نقطة حراسة دائمة من الجيش عند مكامن الخلل على الشلال في بلدة دار الواسعة، مع دورية على كامل طول الخط «حتى لا يجري بيعها للري، بالتواطؤ مع الموظفين في مصلحة مياه اليمونة». وشدد الحاج حسن على الإسراع في توفير المياه قبل بدء شهر رمضان ، وإلّا فإنّ «التحرك هذه المرة سينتقل إلى مقر الوزارة في بيروت»، وأنّهم «سيحلون ضيوفاً هناك حتى الحصول على نقطة المياه».
واتهم الحاج حسن في حديث لـ«الأخبار» مؤسسة مياه البقاع «بعدم توفير المعلومات الدقيقة للأجهزة الأمنية عن أسباب التعدي على المياه، وأسماء الأشخاص الذين يقدِمون على قطع المياه وبيعها للري»، مشيراً إلى أن «الهدف من ذلك منع الاستخبارات في الجيش من ضبط المخالفات والتعديات وتوقيف المخالفين». ولفت الحاج حسن إلى أنّ المؤسسة وموظفيها يعرفون كل المسارب التي تهرَّب منها المياه والأشخاص الذين يفعلون ذلك، «لكنهم يحصلون على حصة من بيع المياه»، مضيفاً إنّ دوريات الاستخبارات تكون في بعض أماكن توزيع المياه، ولكن «صوريّاً»، حيث لا يمكنها قمع الاعتداءات، والدليل على عدم توفير المعلومات للجيش أنّ المياه لم تصل إلى القرى في غرب بعلبك بعد توقيع البرنامج الذي حصلت استخبارات الجيش على نسخة منه بغية مراقبة تنفيذه.
ومع أنّ استخبارات الجيش تعهدت في الاجتماع الأخير قمع المخالفات، فإنّ المياه لم تصل إلى قرى طاريا وشمسطار وحدث بعلبك. وقد أكّد مسؤول أمني في اتصال مع «الأخبار» «أنّ المسؤولية تقع على موظفي مؤسسة مياه البقاع، الذين لم نر أحداً منهم منذ تسلّم الجيش مهمة توزيع المياه وقمع المخالفات، فيما هواتفهم مقفلة على الدوام». أوضح المسؤول أنّ دوريات الجيش موجودة، لكن ليس لدينا معرفة بالنقاط التي ينبغي مراقبتها باستمرار، أو حتى «السكورة» التي تحوّل المياه، فالاتفاق كان يقضي بمؤازرة الموظفين.
«الاتصال بوزير الطاقة والمياه صعب جداً»، يقول رئيس بلدية شمسطار، لافتاً إلى أنّه حاول أكثر من عشر مرات التواصل مع الوزير، «لكنّ مديرة مكتبه كانت تحيلنا دائماً على حل المشكلة ومعالجتها مع المدير العام لمؤسسة مياه البقاع مارون مسلم، الذي لا يعطينا إّلا الوعود الواهية».