أمس، أنهت الحركة الاجتماعية جزءاً من برنامجها «حماية الأطفال من النزاعات»، بمشاركة شبّان من الشياح والطريق الجديدة، دخلوا البرنامج بأفكار مسبّقة وسلبية تجاه الآخر، وخرجوا بصداقات كانت ترسّبات الحرب قد حالت بينهم وبينها
محمد محسن
يسكن في المبنى جيران من طوائف متعددة. في لبنان، يمكن لدلو صغير يُنزله فؤاد من شرفته لـ«الدكانجي»، ويرتطم، عن طريق الخطأً، برأس جاره أبو علي، أن يسبّب أزمة طائفية. يتدخل جارهما كوسيط، ولا ينجح في حل المشكلة قبل أن يكون محايداً. هذا ملخّص قصّة كتبها ورسمها شباب يخضعون لبرنامج «حماية الأطفال من النزاعات»، الذي تنفّذه الحركة الاجتماعية بتمويل من الاتحاد الأوروبي.
الشياح بعيون سكان الطريق الجديدة، والطريق الجديدة بعيون سكان الشياح. النتيجة لا تبدو مطمئنة، في ظل صور نمطيّة سلبية عن الآخر، يتبادلها الطرفان. مهمّة المدرّبين ليست سهلة. في مركز الحركة الاجتماعية في الغبيري، لوحات كثيرة رسمها الشباب المشاركون، تعكس ما يختزنه سمعهم كل يوم عن الآخر. في خانة مخصصة للانطباعات الأوّلية عن المنطقتين، احتلت عبارات الفتنة والانقسام والصراع مساحة اللون الأبيض. كان هذا قبل أن يبدأ الشبان بالتعرف بعضهم إلى بعض، والخضوع لدورات تدريبية في القيادة والوساطة، غيّرت كثيراً من علاقتهم بأبناء بلدهم. لاحظ المدربون أمراً مهمّاً: حين أتى شباب الطريق الجديدة إلى الشياح كانوا مرتبكين ولم يستطيعوا التعبير عن أفكارهم، والأمر ذاته حصل بالنسبة إلى شبان منطقة الشياح. هكذا، تقرّر جمع الشبان في منطقة «محايدة» وهي حرج قصقص الواقع بين المنطقتين. هناك، تناقشوا في الأزمة السياسية. كلّ يحمّل الطرف الآخر مسؤولية الأزمة ويرى أنّ الطرف السياسي المسيطر في منطقته منزّه عن أيّ خطأ. هكذا، رويداً رويداً، اكتشف الشبان أنّ ما سمعوه من أهاليهم ليس صحيحاً في معظمه. بدأت الصورة تتّضح، وجلسوا إلى جانب بعضهم بعضاً بعدما كانوا متواجهين. تغيّرت الصورة في المركز، وبدلاً من العبارات التي تؤدّي إلى الشحن، قدم الشبان اقتراحاً بريئاً في رسمٍ ملوّن لخريطة لبنان: ما المانع أن يكون «حزب الله» في الشمال مع القوات اللبنانية، فيما يكون في الجنوب فرع لحزب «الطاشناق»، بينما يتمركز المردة والتيار الوطني الحر في الضاحية الجنوبية؟ وفي خريطة أخرى، كتب المشاركون في كل محافظة، كلمة. الحوار في البقاع، الاختلاف وليس الخلاف في الجنوب، لا للعنف في بيروت، ونادي المواطنية في كل لبنان.
«جئت إلى هذا البرنامج لأتعرف إلى الآخر الذي يشاركني العيش في مجتمعي» تقول مريم سليم، التي تسكن في شارع معوض. بعد احتكاكها بأبناء كورنيش المزرعة والطريق الجديدة، وجدت رنا أنه «في كتير إشيا غلط. ليسوا عدائيين كما يقال لنا. هم مثلنا، أناس طيبون ولا يكرهون أحداً». ينسحب تصحيح الصور الخاطئة على أحمد الغوش. فالضاحية التي لم يكن يتصور أن يستقبله فيها أحد، كما كان يسمع، أصبحت بيته الثاني «آتي إليها باستمرار. سكانها يحبّوننا ولم أكن أتوقع أن تصبح الضاحية عندي مثل كورنيش المزرعة. أصبح لي فيها أصدقاء كثيرون» يقول. في المحصّلة، يؤكّد الشباب أنّ اختلاف الرأي أمر وارد، ولكن على الفرد احترام الرأي الآخر، كما عليه ألّا يصدق الأمور السيئة التي يسمعها من دون أن يتأكد من ذلك بنفسه. المدربون راضون عن النتائج، وخصوصاً أنهم باتوا أصدقاء للمشاركين، والدليل على ذلك تعامل المدرب والمخرج الفلسطيني فادي دباجة مع المشاركين كأنهم أصدقاؤه. أمس، أنهت الحركة جزءاً من برنامجها الطويل، إذ صوّر المشاركون قصتّهم التي كتبوها عن المبنى المتعدد الطوائف، فوتوغرافياً، ليصار إلى عرضها في إطار كوميدي ناقد من خلال فيلم صامت يصاحبه كلام مكتوب. تشير المسؤولة الإعلامية في الحركة الاجتماعية جيزيل أشقر إلى أنّ فكرة البرنامج، هي حصيلة مراقبة برنامجين يتعلقان بالاندماج في المدرسة للوقاية من التسرب المدرسي، والأندية المهنية للذين هم خارج المدرسة.
وجدت الجمعية، بحسب أشقر، أنّ العنف سلوك يومي للأطفال ويجب التوعية تجاه «حقّهم في الحماية من النزاعات، والمواطنة، لمعرفة الذات وتحصين الانتماء إلى الوطن، وصولاً إلى القدرة على تقبّل الرأي الآخر» كما تقول.


وقفة

حقوق المواطنة



إضافةً إلى الغبيري، تنفّذ الحركة الاجتماعية برنامج «حماية الأطفال في مناطق عديدة هي: طرابلس، عكار، زحلة، صيدا، سن الفيل، والجناح. كذلك، يدرّب البرنامج أطفالاً من فئات عمرية صغيرة، من المتسربين من المدارس، أو ممّن لم يجلسوا على مقاعد الدراسة، على المواطنية ضمن برنامج مدته 3 سنوات



تبدي المدربّة في مشروع «حماية الأطفال من النزاعات» نادين خزعل (الصورة) رضاها عن النتيجة التي وصلت إليها بعد تدريب الشباب. فقد اكتسبوا مهارات في القيادة والوساطة، بعدما كان العمل معهم، هم الآتون من بيئتين مختلفتين، تحديّاً اجتازته بنجاح





كان حسام حوحو (الصورة) من ضمن أعضاء الوفد اللبناني الذي شارك في «مؤتمر اليافعين العرب» الذي نظّمته جامعة الدول العربية في دمشق، بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة. وقدّم حسام توصيةً إلى المؤتمر بضرورة إنشاء برلمان للطفل العربي