رامي زريقأيقظت أزمة الغذاء عام 2008 العرب على واقعهم الغذائي الرديء. فبلادنا تحتل المرتبة الأولى من بين دول العالم في استيراد الحبوب التي تمثّل المصدر الأساسي للطاقة بالنسبة لمعظم السكان. هناك طبعاً تفاوت بين البلدان العربية، وتعتبر بلاد الخليج، التي تفتقر إلى الأراضي الخصبة والماء والمناخ المعتدل، من أكثر بلدان العالم هشاشة في مجال الأمن الغذائي، إذ تتكل على الأسواق العالمية للحصول على احتياجاتها، ما قد يعرّضها للابتزاز التجاري والسياسي. وبالرغم من محاولة السعودية إنتاج القمح محلياً في ثمانينيات القرن الماضي، لا تزال هذه البلدان تعاني فقدان الأمن الغذائي، وتفاقمه. ثم أتت فكرة الاستثمارات الزراعية الضخمة في بلدان فقيرة تنعم بالظروف المؤاتية للزراعة مثل أفريقيا وجنوب شرق آسيا. الفكرة بسيطة، وترتكز على مبدأ الاستثمار الرأسمالي في قطاع إنتاج الغذاء، تماماً كما تستثمر الشركات العالمية الكبرى في قطاعات الغذاء والصناعة، مع كل ما تسببه هذه المقاربة من استغلال وظلم لصغار المنتجين ولأصحاب الأرض الأصليين. وقد أطلق الناشطون الغربيون وأتباعهم المحليون المهتمون بحقوق المزارعين على هذه الظاهرة اسم «السطو على الأرض land grab». وبالرغم من أن دول الخليج العربي ليست وحدها من فكّر بهذا الحل، إذ سبقتها بلدان أخرى مثل كوريا حاولت استثمار مساحات واسعة في مدغشقر، إلا أن أصابع الاتهام توجهت تلقائياً نحو «العرب». وفي جوّ الإسلاموفوبيا الذي يعيشه العالم، يصبح من السهل خلط الأمور بعضها ببعض وإظهار «السطو على الأرض» كجزء مكمّل من المؤامرة الإسلامية الشريرة، بغض النظر عن أنها تأتي في سياق الرأسمالية التي لا تحترم حقوق البشر والتي تجب مقاومتها على هذا الأساس.