أحدث تأخّر إلحاق المدرسين في مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي، الناجحين في مباراة مجلس الخدمة، بمدارسهم الرسميّة إرباكاً لدى إدارات المدارس والمدرسين أنفسهم، الذين رتّبوا أمورهم مع بداية العام الدراسي الحالي على أساس أنّهم متعاقدون، لا مدرّسون متمرنون في ملاك وزارة التربية
فاتن الحاج
«ادْرسوا وانْجحوا والباقي علينا، بدنا ناخدكن كلكن»، كانت هذه الكلمات الأخيرة للنائب بهية الحريري للمتعاقدين في مرحلتي الروضة والتعليم الأساسي قبيل إجراء مباراة مجلس الخدمة المدنية المحصورة بهم. يومها، انطلقت وزيرة التربية السابقة في كلامها من أنّ المباراة التي تجري وفق القانون 442 تلحظ حاجات العام الدراسي 2000 ـــــ 2001 إلى إدخال 4782 مدرّساً في الملاك، فيما كانت أرقام وزارة التربية تشير إلى أنّ هناك حاجة إلى أكثر من 6500 معلم في العام الدراسي 2009 ـــــ 2010. انتهت المباراة التي اشترك فيها 8127 مدرساً من كل الحلقات، ونجح منهم 3547 معلماً، من بينهم 707 معلمين ناجحين فائضين.
اليوم، وبعد مرور نحو عام واحد تقريباً على صدور نتائج المباراة، وقّع وزير التربية حسن منيمنة، الجمعة الماضي، قرار إلحاق الناجحين في مرحلة الروضات بمدارسهم كمدرّسين متمرنين في الملاك، كما وقّع، أمس، قرار إلحاق الفائزين في الحلقتين الأولى والثانية من التعليم الأساسي.
وإذا كانت المهلة القصوى لمباشرة عمل الملحقين الجدد بحسب القانون هي 15يوماً تبدأ من اليوم، فإن المدرّسين يسألون: «ماذا ستفعل الإدارات التي سيّرت مدارسها مع بداية العام الدراسي وفق ما كان معمولاً به في العام الماضي؟ أي أنها أبقت على وجود المتعاقدين القدامى بغض النظر عما إذا كانوا ناجحين في المباراة أو ناجحين فائضين أو متعاقدين لم يحالفهم الحظ في المباراة؟ ماذا لو قررت الوزارة إرسال مدرّسين موظفين في الملاك ليحلّوا مكان المتعاقدين؟ وخصوصاً أنّ الموظفين مطالبون بنصاب كامل، أي 27 ساعة، بينما يغطي المتعاقدون ساعات تعاقد محدودة؟ ماذا عن التعاقد الجديد المستمر حتى في غير المواد الإجرائية (التكنولوجيا، المعلوماتية، الفنون، المسرح، اللغة الأجنبية الثانية إلخ) رغم قرار الوزير في العام الماضي بتوقيفه؟ هل سبب التأخير في الإلحاق هو التوفير على خزينة الدولة؟».
يرى عبد العزيز شهاب، أستاذ تاريخ وناجح فائض في المباراة، أنّ إلحاق الحلقتين الأولى والثانية سيؤدّي حتماً إلى إقصاء المتعاقدين الذين لم يحالفهم الحظ، أو لم يحق لهم المشاركة في المباراة أصلاً، ما سيضطر هؤلاء إلى العودة إلى المناطق التربوية لإعادة توزيعهم على مدارس أخرى، وقد يخسرون ساعات تعاقدهم نهائياً إذا لم تكن هناك حاجة إليهم. المتعاقدون «الراسبون» سيخضعون بالمناسبة لدورة تأهيلية من 160 ساعة في الصيف المقبل، تمهيداً لمشاركتهم في مباراة مفتوحة ثانية.
يلفت الرجل أيضاً إلى أنّ الإرباك لم يحصل فقط في التعليم الأساسي، بل في التعليم الثانوي الرسمي أيضاً، وفي المدارس الخاصة، إذ إنّ بعض المدرّسين الناجحين تعاقدوا هذا العام بساعات مع هذين القطاعين، وهم سيتخلّون عنها الآن بعد إلحاقهم بالأساسي.
البعض الآخر قدم استقالته من التعليم الخاص كما حصل مع خالد نصار، أستاذ الرياضيات في الحلقة الثالثة. لكن نصّار فوجئ بعدم إلحاقه بمدرسته كسائر مدرّسي الحلقة، بحجة عدم قدرة كلية التربية في الجامعة اللبنانية على استيعاب الجميع للمشاركة في الدورة التدريبية، كما ينص القانون، مع العلم أنّ الرجل لا يحمل إجازة تعليمية ويخضع كسواه من غير المجازين للدورة في دور المعلمين لا في كلية التربية، لكن ما فهمه أنّ إلحاق المجازين وغير المجازين سيجري في الوقت نفسه. وما زاد في إرباك المدارس ومدرّسي الحلقة الثالثة أنّ البعض اعتمد على تصريح النائبة الحريري الأخير حين طمأنت الناجحين في المباراة المحصورة بالقول: «الثلاثاء (اليوم) يكون أقصى حد لتعيين كل الناجحين على الأراضي اللبنانية كمدرّسين متمرنين في التعليم الأساسي للحلقات الأولى والثانية والثالثة». ولم ينتبه البعض إلى العبارة التي وردت في نهاية التصريح نفسه، التي نشرتها الوكالة الوطنية للإعلام، ولم ترد على شاشات التلفزة وهي «أنّ يعيّن مدرّسو الحلقة الأولى والثانية، أمّا الحلقة الثالثة، فتنتظر الرد من مجلس شورى الدولة، أي إنّهم جميعاً سيكونون معيّنين خلال تشرين الأول». لكن السؤال الأهم هو: «كيف يتأخر إلحاق الحلقة الثالثة بحجة عدم وجود أماكن للتدريب في كلية التربية تنفيذاً للمرسوم التطبيقي للقانون 442، الذي ينص على تزامن التدريب مع الإلحاق بالمدارس، وفي الوقت نفسه تخالف وزارة التربية المرسوم بإخضاع الناجحين في الروضات لدورة تدريبية صيفية مكثفة، بدأت في 14 حزيران وسبقت إلحاقهم بالمدارس؟». واللافت أنّ هؤلاء لم يتقاضوا راتب كلية التربية المنصوص عليه في القانون بحجة عدم الإلحاق.
لكن هذا الأمر لم يمنع المتابعين للشأن التربوي، ولا سيما عايدة الخطيب، رئيسة رابطة المعلمين الرسميين في بيروت، من العمل على تعديل بعض أحكام المرسوم التطبيقي للقانون 442 كي لا يتأخر إلحاق الحلقة الثالثة، فأُعدّ مشروع مرسوم ينص في مادته الأولى على الآتي: «يمكن بقرار يتخذه وزير التربية إلحاق الفائزين بالمباراة، المعينين مدرّسين متمرنين في ملاك وزارة التربية قبل اتخاذ قرار إلحاقهم بكلية التربية، أو بدُور المعلمين، ويحدّد دوامهم في الفترة السابقة لإلحاقهم». وتعدّلت المادة الثانية لجهة أنّ السنة الأكاديمية تتضمن فصلين دراسيّين يمتد كل منهما على مدى 12 أسبوعاً، وليست سنة كاملة. كذلك عدّل دوام المدرّسين في المدارس، فإذا داوموا 3 أيام يعطون 12 حصة تدريس على الأقل، و16 على الأكثر، وإذا داوموا 4 أيام تكون الحصص 16 ساعة على الأقل، و20 على الأكثر. وينتظر أن ينفذ هذا المرسوم قبل تشرين الأول، الموعد الذي حددته الحريري.


مصير الناجحين الفائضين

وفت النائبة بهية الحريري، كما يقول الرئيس السابق للجنة المتعاقدين في التعليم الأساسي ركان فقيه (الصورة) بوعدها بإلحاق جميع الناجحين في مباراة مجلس الخدمة لدخول ملاك التعليم الأساسي، وذلك حين تقدمت باقتراح قانون يرمي إلى إجازة تعيين جميع الناحجين بسبب الحاجة إلى خدماتهم. وقد وافق مجلس الوزراء على الاقتراح، على أن يجري التعيين خلال سنتين من تاريخ نشر القانون. هكذا، يعيّن الناجحون الفائضون بعد إقرار القانون في المجلس النيابي. ويقول فقيه إنّ التأخير يحدث في لجنتي الإدارة والعدل والمال والموازنة، «وإنْ وُعدنا ببحث الموضوع هذا الأسبوع».