جوان فرشخ بجالي أرشيف دونان، أو بالأحرى أرشيف حفريات جبيل الاثرية من 1925–1975 عاد الى بيروت بعد غياب دام 33 سنة. فالعالم الفرنسي موريس دونان، الذي كان يدير التنقيبات في موقع جبيل في تلك المدة، «هرّب» مع بداية الحرب الاهلية أرشيفه الى منزله في فرنسا مخافة أن يتلف في الحرب. أنقذ الارشيف ولكن جامعة جنيف، المؤتمنة على المستندات بعد وفاة دونان، لم تقبل بإعادته الى لبنان بتلك البساطة. فقد تعاقب ثلاثة وزراء على مفاوضات انتهت باستعادة لبنان لهذه الوثائق التي ستسمح بإعادة كتابة تاريخ هذه المدينة (راجع الأخبار عدد 1197 في20 آب 2010).
واحتفالاً بهذا الحدث، دعا وزير الثقافة سليم وردة سلفيه في الوزارة طارق متري وتمام سلام اللذين كانا قد عملا على الملف، الى مؤتمر صحافي عقد البارحة في المتحف الوطني «اولاً تأكيداً لاستمرارية العمل الإداري، فهذا الارشيف لم يكن ليعاد لو لم يُعمل على ذلك خلال عهديهما لينتهي اليوم، وثانياً للاحتفال بهذا الحدث الذي سيسمح بمعرفة جبيل عن كثب».
وشرح الدكتور أسعد سيف أهمية استعادة هذا الارشيف «الذي يخبر عن فترات أثرية عرفتها مدينة جبيل، واكتشفها دونان ثم أزالها خلال الحفريات. فجبيل الرومانية، والبيزنطية، والاموية كانت ظاهرة في تلك الحفريات ولم يبق ما يخبر عنها إلا هذا الارشيف».
وقال وزير الاعلام طارق متري إن «استرداد الارشيف من سويسرا لم يكن بالامر السهل، فحينما بدأت المفاوضات كان هناك تردد ونوع من الرفض لإعادة هذه المستندات الى بلدها الأم. وطرحت أسئلة

لم يبق من جبيل الرومانية والبيزنطية والأموية إلا هذا الأرشيف

حول مصيرها في لبنان، وإن كان لبنان سيعمل على المحافظة عليها مثل جنيف!. وفي الحقيقة، ما كان يجب أن تطرح هذه العقبات لأن المستندات هي لحفريات اثرية لبنانية، والقطع التي تدرسها وتعرضها لا تزال في لبنان، فمن البديهي أن تعود الى وطنها الأم. ومصيرها، ومستقبلها هو في النهاية شأن داخلي». ولكن الدكتور سيف أكد في مداخلته «أن العمل سيبدأ للحفاظ على هذا الارشيف بشكل رقمي يوضع لاحقاً على شبكة الانترنت بمواقع متخصصة لعلماء الآُثار». وأكد أن الطلاب قد يبدأون بدراسة هذه الأوراق والدفاتر التي قد تشكل مواد لعشرات الاطروحات».
أما عمليات الاسترجاع فقد كانت في الواقع مرآة لوضع الآثار في لبنان. فوزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار أتمّا المراسلات، ثم تدخلت جمعية إنماء لدفع تكاليف سفر البعثة اللبنانية الى سويسرا وتوضيب الارشيف على أيدي شركات مختصة. ثم كان لشركة طيران الشرق الاوسط المشاركة في عملية الشحن من جنيف الى بيروت. بهذا، تكون عملية استرداد أرشيف أحد أهم المواقع الاثرية في لبنان أتت بشكل «عونة» تشابكت فيها أيدي من يهتم لآثار هذا البلد. والسؤال الذي يطرح حالياً من سيدعم مشاريع دراسة هذا الارشيف؟