طرابلس ــ فريد بوفرنسيس لا يكتمل المشهد عند مدخل شارع "عزمي بك" الشهير في طرابلس، الا بعدما يكون جلال السباعي، قد بسّط طاولته الصغيرة واخرج عدته البسيطة من كيس النايلون، واستعد بشكل تام لعمله اليومي في تركيب العطور التي تقلد ماركات عالمية. من هذا الرصيف المطل على الشارع العام الذي يربط مدينة طرابلس بقضاء عكار، تنبعث رائحة العطور المنوعة، جاذبة المارة من انوفهم، مستوقفة الكثيرين ولو للحظات لاستكشاف ما يقوم به الرجل. لا ييأس السباعي ابدا من الشرح ولو استغرق وقتا طويلا، فهو يثق بنوعية عمله وان "طريقة تعبئة تلك العطور الباهظة الثمن في قناني زجاجية، مهنة تعلمتها من الخليج" حيث كان يعمل في احدى اكبر شركات تصنيع العطور حسب ما يقول.
ويستعين العطار للإقناع بكتب استحصل عليها من الشركات الهامة التي تصنع العطور، مدعماً مصداقيته بقوله ان " الوكيل اعطاني كتابا مفصلا عن كل عطر وتركيبته، وفي الوقت عينه اعطاني روح العطر التي استخدمها في تركيب العطر المطلوب بعدما اكون قد مزجتها بسائل خاص من شركة التصنيع ". انه امر غير مكلف ولكن عملية الاقناع تبدو صعبة جدا امام الزبائن يبدون متسائلين" كيف لزجاجة عطر دفعت ثمنها مئة دولار، كلفتها في هذا المكان اقل من عشرين دولارا، وهي بنفس المواصفات؟". لا يستخدم العطار في مهنته سوى مكبس حديدي" اشتريته من الوكيل الذي اشتري منه العطور"، وابرة شبيهة بابرة المستشفى" لأادخل المواد السائلة في ثقب القنينة لتعبئتها بعد ان ازالة العازل الاخير منها"، الى بعض قناني البلاستيك المليئة بالروائح السائلة والسبيرتو الاصلي. ويقول أن سعر الكيلو السائل من العطر قد يصل "الى الف دولار ".
وعما اذا كانت هذه الحرفة تصلح لأن تكون مهنة يعتاش الشخص منها ام مجرد هواية، يقول السباعي:"بل هي مهنة. ولقد اعتدتها وبرعت فيها واصبحت اليوم معروفا من عدد كبير من الزبائن". ويضيف" صحيح اني اهواها كهواية بغض النظر عما اذا كانت تعتبر مهنة يعتاش منها الفرد ام لا، الا ان سوق البيع جيد واصبح عندي زبائن كثر يترددون الى هذه الزاوية، فالوضع الاقتصادي المتردي فرض على الكثيرين ممن يعشقون العطور المجيء الى هنا".