أحمد محسن «حملة الشهادة الثانوية ليسوا مؤهلين كما ينبغي لدخول التعليم العالي»، أو هذا ما أظهرته دراسة أعدّتها «مؤسسة مهنا». معدلات الناجحين مخيفة، تقول الدراسة. في الرياضيات، لا يتجاوز المعدل نصف العلامة القصوى. النسبة مشابهة في المواد الأخرى تقريباً.
أما الكارثة الحقيقية، ففي اللغة الأجنبية حيث لا يسجل الطلاب معدلات تتخطى الثماني على عشرين، في أحسن الحالات. مع ذلك، انطلق الباحث في المؤسسة ألان حصروني، في ندوة عقدت أمس، من «واقع ازدياد حصة القطاع الخاص في التعليم العالي بنسبة تقارب 50%، منذ عام 2000 تحديداً». وفي رسم بياني عرضه الباحث، بدا تراجع الإقبال على الجامعة اللبنانية الوطنية واضحاً، لحساب الجامعات الخاصة، التي ارتفعت إلى 28، شملت الدراسة 26 منها لأسباب لوجستية.
«تعاونت 5 جامعات مباشرة ومن دون تعقيدات»، يقول حصروني. أما الجامعات الأخرى فأعطت مواعيد أو اعتذرت. وللمناسبة، اعتذر وزير التربية حسن منيمنة عن عدم الحضور هو الآخر، وأوفد ممثلاً عنه، هو المدير العام للتعليم العالي د. أحمد الجمال، الذي لفت إلى أننا «أنجزنا قانوناً جديداً لتنظيم التعليم العالي الخاص تضمّن إنشاء هيئات ناظمة ترعى الاعتراف بالمؤسسات وبرامجها وترعى التقويم والتحقق الدوري من مراعاتها للشروط». وقال إن «منظومتنا التربوية شهدت تنامياً ملحوظاً للقطاع الخاص على القطاع العام أخيراً».
الدراسة باعتراف حصروني، غير كافية، لكن الأرقام والمعطيات التي تناولتها، تمثل إشارةً حيويةً، إلى وجود فجوة حقيقية تبدأ من مراحل التعليم العام ما قبل الجامعي وتستمر مع الطالب خلال التعليم العالي.
برأي الباحث، المشاكل التي قد تنشأ لاحقاً طبيعية وأقل من مستغربة، ما دامت أنماط القبول في الجامعات الخاصة مرتفعة جداً بالمقارنة مع نسبة نجاح الطلاب في التعليم الثانوي. إلى ذلك، لا تتخطى نسبة المساعدة المادية التي تقدمها الجامعات الخاصة 30%، ما لا يعزز فرص الالتحاق بالتعليم العالي.
وجد حصروني نفسه محرجاً في أكثر من مرة، من الغوص في تفاصيل، قد تحرج ممثلي الجامعات الحاضرين، لذا اكتفى بشرح الأرقام التي استقاها من بعض الجامعات المتعاونة، ومن وزارة التربية. الشق الأكاديمي الآخر في الدراسة، تعلق بتركيبة الكادر التعليمي، فدرس حصروني نسبة المتفرغين وحاملي أعلى شهادات في الاختصاص، والعلاقة التفاعلية مع الطلاب عبر قياس نسبة هؤلاء إلى الأستاذ الواحد، خاتماً جولته بالتشديد على حق الطالب في معرفة كيفية استخدام الأقساط في العملية التربوية، بما أن المصدر الرئيس لمداخيل الجامعات هو الأقساط. المعلومة التي قد تكون مفاجئة لكثيرين أن الجامعات الخاصة كلها هي مؤسسات خيرية لا تبغي الربح، لكن، ليس من جامعة تصرّح عن مداخيلها وكيفية صرفها إلا جامعة واحدة فقط.
وبعد الاستراحة، قدمت الباحثة المساعدة في المؤسسة، هيفاء زعيتر، مداخلة موجزة، تطرقت فيها إلى أهمية إنشاء بوابة إلكترونية، إذ يجب توفير البيانات في قطاع التعليم العالي على المستوى المؤسساتي (في القطاعين الخاص والعام على السواء). ثمة حلقات مفقودة حاولت الدراسة الإضاءة عليها، ففي المحصلة، القطاعات الثلاثة الأساسية غير مترابطة. ثمة فجوة تتسع بين التعليم الثانوي، التعليم العالي، وطبعاً، سوق العمل.


تفاوت في أنماط القبول

جاء في الدراسة التي أعدتها «مؤسسة مهنا» عن «تقويم الجامعات الخاصة في لبنان» أن هناك 24 جامعة من أصل 26 شملتها الدراسة، تعتمد على نظام TOFEL كاختبار أساسي لقياس مستوى اللغة الإنكليزية لدى الطالب الذي يتقدم للالتحاق بها، أو تعتمد على اختبارات خاصة توازيه، تقر من إدارة الجامعة. لكنّ ثلاثاً فقط من هذه الجامعات قدمت وصفاً دقيقاً لشروط اجتياز هذا الاختبار، والأسس التي تحدد هذا الاجتياز (الحاجة إلى دروس تحضيرية مثلاً). وكان لافتاً أن الشروط متفاوتة تماماً بين الجامعات الثلاث التي قدمت شرحاً عن شروط النجاح في اختبار اللغة الإنكليزية. الفارق بين الجامعة الأولى والجامعة الثالثة، كان شاسعاً، إذ تقبل الجامعة الأولى من يحصلون على 100/64، فيما لا تقبل الأخيرة أقل من 90.