لا يجد شباب القرعون في فصل الصيف إلّا الملل. فالأيام عند من لم يجد فرصة عمل صيفية منهم طويلة، نهاراتها ولياليها معكوسة: سهر حتى الفجر ونوم في النهار
القرعون ــ عفيف دياب
«أمضي وقتي متنقّلاً بين غرف المنزل طوال النهار إلى أن يحين المساء، فألتحق بأصدقائي في ساحة الضيعة»، يقول نور شوشر (16 عاماً) الذي وصف الصيفية هذا العام بأقذع الألفاظ، حيث لم يجد عملاً يمارسه خلال عطلته المدرسية التي طالت كثيراً بسبب الفراغ، ولا حتى ما يمكن أن يشغله عن «النوم والأكل والشرب». يضيف نور، الذي ينتظر بفارغ الصبر بدء مدرسته المهنية، إنه ورفاقه لا يجدون سوى ساحة قريتهم في القرعون «لقضاء الوقت والسهر في الهواء الطلق».
الملل في صفوف فتيان القرعون وشبابها سمة عامة ولا يقتصر على نور، فشقيقه بشار (14 عاماً) لا يجد وسيلة لقضاء الوقت سوى «النارجيلة» قبل أن يحين المساء لينطلق نحو ساحة البلدة ومقاهي الإنترنت المنتشرة في عدد من أحياء القرعون. «نتسلى على الإنترنت، وأحياناً ألعب مع أولاد عمتي كرة القدم، أو نجول قرب البحيرة على الدراجات الهوائية. ما في شي هون بالضيعة. زهق كتير، بس يلّا صارت جايي المدرسة وخلصت الصيفية».
النرجيلة والإنترنت ليسا وحدهما ما يسهم في «إضاعة» وقت فتيان القرعون وشبابها، إذ إن محال التسلية ولعب البلياردو دخلت حديثاً كعناصر إضافية إلى يوميات الشباب. وليد ياسين (17 عاماً)، الذي كان أوفر حظاَ من نور، إذ وجد عملاً يلهيه خلال النهار، يجتمع ليلاً مع أصدقائه في منزل أحدهم «ونحيي سهرة أصبحت من عاداتنا اليومية». يضيف: «نحن في منطقة نائية لا في مدينة، وبالتالي الوقت هنا يمر بطيئاً ويصبح قاتلاً في بعض الأحيان، لذا نستعجل عودتنا إلى الدراسة». يتابع: «في سهراتنا، نتحادث في مواضيع عامة، من السياسة إلى أحوال البلد ومواضيع أخرى و«مين حب... ومين ما حب، وقصص أخرى كالسفر وغيره». هنا، يتدخل نور موضحاً «معظم أعضاء شلتنا لا يحبّون السفر، وأحياناً نحدّد ليلة لكي تكون فقط للغناء والرقص على إيقاعات الطبلة وعزف المجوز حتى الفجر، ولكن من دون أن نزعج أحداً». ورغم أن القرعون تعدّ منطقة سياحية، وخصوصاً مع وجود عشرات المقاهي والمطاعم على ضفاف بحيرتها الشهيرة، يشير وليد إلى أنّ «من يجد فرصة عمل في الصيف يكُن محظوظاً، وأنا من الشباب المحظوظين لأنني وجدت عملاً أُمضي فيه معظم ساعات نهاري، بينما نور لم يوفّق في إيجاد فرصة عمل، لذا يمضي وقته في النوم نهاراً والسهر ليلاً، وينتظر هو وبعض الأصدقاء حتى تجتمع الشلة ليلاً». ويردف: «هذه هي حال صديقنا أحمد جبارة أيضاً. معظم الشباب هنا في القرعون إما يبحثون عن فرصة عمل في الصيف، أو ينتظرون الفيزا للهجرة، أو العودة الى الدراسة بعد انتهاء العطلة الصيفية». ويقول نور إنّ صديقيه رواد جبارة ومحمد عميص «نجحا في العثور على فرصة عمل نهاراً، وهذا يعدّ إنجازاً في القرعون»، فالضيعة «هي عالمنا الصغير، نصنع فيه ما يمكن أن يسلّينا».