علي عماشةنمت جيداً. لم أكن أعلم من قبل أن السرير الذي كنت أنام فيه خلال السنوات العشر الماضية هو أحد أسباب استيقاظي المتعثر يومياً، لطالما ظننت أن مشاكل الحياة هي السبب في ذلك. لسقف الغرفة المرتفع فضل أيضاً في هذا الصباح المريح. حين اكتشفت أنه ليس في خزانتي ما أرتديه اليوم، لم يتجهم وجهي كالعادة. بهدوء، ارتديت مجدّداً قميص البارحة. لم أكفر حين اكتشفت أنني «مكسور» مالياً قبل نهاية الشهر، ولا تزال عليّ متوجبات ومصاريف لأكمل الشهر «على خير»، بل قلت: «الله بيفرجها».
أعددت ركوة قهوة كبيرة، وخرجت إلى الشرفة متنعماً بهذا الصباح. هواء عليل، لربما يكون نادراً في بيروت، مصحوب برائحة خفيفة من شجرة كينا في الحديقة. أصلاً، أن أتأمل من شرفتي شجرة بيني وبينها مسافة مبنى واحد فقط، أمر جميل. لم يزعجني، كالعادة، أنني تلقيت اتصالاً ممّن فقدت رغبتي بسماع صوتها منذ زمن. كان اتصالاً خالياً من أية «آثار جانبية».
إيييههه... بين حي السلم والصنائع فرق كبير.
ففي حي السلم، اعتدت أن أغفو من قهري وتعبي من روائح كثيرة، أصوات عالية، وجيران يظنون أنهم وحدهم على الكوكب، وأن أستيقظ على روائح أكثر، أصوات أعلى، وجيران ما زالوا يظنون أنهم وحدهم على الكوكب!
في الصنائع، عبرت قطة على سطح ما فانتبهت أنها أحدثت ضجيجاً، وفي الصباح، كان ثمة عصفور يزقزق بالقرب من النافذة، لا أكثر.
للوهلة الأولى، أدركت معنى أن تستيقظ بحيوية ونشاط.
أجمل شيء في هذا الصباح أنه ليس يتيماً، وستليه صباحات أخرى جميلة.